وجهات نظر

الشدّ على حافّة الهاوية..!!

علي قاسم


الإعلام تايم - الثورة 

سقط وفد الرياض، وأسقط معه مشغّليه في الحفرة ذاتها التي طالما كان يعدّها للآخرين، مدفوعاً بحسابات ومعادلات تبدو جميعها أقرب إلى العوَز السياسي، والفاقة الدبلوماسية، في وقت يقارع محركوه في مملكة الرمال سيلاً من التهم المثبتة في العلاقة مع الإرهاب، وأعاصير من الاحتمالات التي تعيد حكاية الإرهاب ودعمه إلى مربعها الأول، ومن الأميركي ذاته التي أشهرها عبر عائلات ضحايا أحداث الحادي عشر من أيلول، وأفصحت عنها تجاذبات العلاقة مع الكونغرس.‏

 

وبالرغم من الافتراض بأن الوفد مع مشغّليه لا تغيب عن ذهنهم تلك الحالة وما تستلزمه، حيث الرئيس أوباما قادم وبين يديه ما هو أبعد بكثير من تلك المراهنة الساقطة على الدور الوظيفي المتهتك، وتحديداً الجغرافيا السياسية في خارطة العلاقة الأميركية مع المشيخات، حيث ستطول جردة الحساب المتخمة في دعم الإرهاب الذي بات ورقة ضاغطة على إدارة الرئيس أوباما.‏

 

حدود التباين ومساحة الخلاف أكبر من قدرة الواقع الخليجي على استيعابه، ولا يقتصر على ما ولّده من احتمالات صادمة، وما فرغه من تهديدات صبيانية من قبل السعودية، بقدر ما يترجم افتراقاً لن يكون بمقدور المشيخات أن تحدد مساحة الاقتراب والابتعاد من خطوطه، التي ترسم إحداثياتها السياسة الأميركية ومصالحها، التي اختلفت في بعض مقارباتها عن التوجه الخليجي، ولم يعد التطابق الذي راهنت عليه قادراً على ترميم ما تصدّع.‏

 

وجاء ذاك السقوط الفعلي لمراهنات السعودية على إحداث ما تعتبره صدمة في المشهد السويسري، وكأنه نتاج فعل عكسي، يترجم حالة الخلل، ما يضفي على اللقاء المزيد من مؤشرات التوتر ليس في المصالح التي هي محكمة الإغلاق وناتج طبيعي، بل في التداعيات التي ستضع سلّة المساءلة كاملة على الطرف السعودي.‏

 

ربما.. كثيرون ليسوا بحاجة لسماع ما قالته معارضة الرياض، وما تفوّهت به من ذرائع، حتى يكتشفوا جملة الحقائق التي استفاضت في رسمها تلك المواقف "العنترية" منها والخيالية على حدّ سواء، بما فيها علاقتها المباشرة والموثقة بالتنظيمات الإرهابية، وما تفرضه في نهاية المطاف من تقاسم مشترك للرغبات التي تحملها، وإن كانت تنفِّذ في نهاية المطاف أمر عمليات سعودياً، سواء تشاركت فيه مع تركيا أم مع غيرها.‏

 

وكثيرون أيضاً يعرفون أكثر بكثير مما فاض عن الحاجة عن تاريخ تلك المعارضة، كتشكيل وكأشخاص وعن دورها وحدود التطرف فيها وسقف الإلغاء للآخر، وهذا التورط في أن تكون مجرد أدوات في مشروع إرهابي وبثمن ربما أرخص بكثير مما كان يتوقع أحد، وفي العلاقة مع عواصم إقليمية أنتجتها وعملت على رسم وجودها، وفقاً لمقاييس الرغبة في توقيت نسف "جنيف" والإسراع بانهيارها.‏

 

اللافت أن ردّة الفعل تكاد تتجه نحو مسار وحيد رغم "التفهم" الأميركي، وهو أن الدور المرسوم وصل إلى نهايته، وكان لا بد من خلع التفويض الممنوح لهم، بانتظار استبدال لن يطول، وقد بدأت بشائره بالظهور تباعاً، وفي المقدمة أن إعادة هيكلة الوفد بدأت من داخله، قبل أن يأتي أمر التنفيذ من خارجه.‏

 

المجادلة في البديهيات تبدو صعبة، ولا تجدي في ظل مناخ سياسي لا يحتمل مثل هذه المتاهة، وفي وقت يبدو الوصول أو السير على حافة الهاوية أمراً محفوفاً بالمخاطر الكارثية، بل يشكّل مقامرة بكل شيء، خصوصاً لناحية التوقيت الذي يبقى شبحاً مستمراً ومتواصلاً يهدد بانفجار الأمور، والعودة هنا ستكون بالتأكيد إلى ما قبل المربع الأول، رغم الإشارات الواضحة من هنا وهناك بأن الوفد وما يمثله، ليس أكثر من لعبة شدّ حبال يمارسها من انتقاهم ومن يشغّلهم، ومن يموّل حضورهم إلى جنيف.‏

 

شدُّ الحبال هنا، وتحديداً حين يكون على حافة الهاوية، يقلب المشهد في شدّ عكسي، حيث لا تنفع عملية الإنقاذ المتأخر، ولا تفيد معها المهدئات الموضعية، فأحجار الدومينو لا تسقط فرادى، والمشكلات والأزمات التي تواجه المشيخات داخلياً وإقليمياً، وتلك المرتبطة بالعلاقة مع واشنطن يبدو أنها تلاحق كرة ثلج تتدحرج، لا تجدي معها مناشدة هنا أو انكفاء هناك، ولا تصلُح فيها محاولة خلط أوراق يائسة من مجموعة مرتزقة وخونة ثمنهم محسوم مسبقاً، حتى لو كانت في بعضها جزءاً من طلب أميركي، اقتضت الظروف والتطورات أن يتم سحب فعاليته ووقف حدود صلاحيته!!‏

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=34024