وجهات نظر

باختصار لماذا كراباخ في هذا التوقيت !

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية


لا تعتبر الحروب الصغيرة مستقلة عن الصراعات الكبرى ولا عن لعبة الأمم .. قد يظن البعض أن ما اندلع قبل أيام في إقليم "كراباخ " مجرد مزاج بين أذربيجان وأرمينيا، أوغسل لحقد دفين ين الطرفين، أواشعال نار لجملة أسباب أخرى بينهما، فلا هذه ولا تلك هي الحقيقة، نحن مازلنا أمام عالم متداخل يجب أن ننتبه إلى أن كل حركة فيه ظاهرها مختلف عن باطنها .. وبديهي القول أن  أمراً كهذا يحتمل التفسير اعلاه نظراً لطبيعته ووقوعه في دائرة التأثير لما هو أكبر منه.

 

ذلك الإقليم  "كراباخ " مشكلة قديمة العهد بين دولتي أرمينيا وأذربيجان، في تفسير الاذري لمعنى الإقليم أنه  جبال الحديقة السوداء أما الأرميني فهو غابة آله الشمس .. مع اختلاف التفسير بين الدولتين، هنالك اختلاف أكبر حول انتمائه ولمن يرجع .. اذربيجان تعتبره اذريا والعكس هو الصحيح مع ارمينيا. ويوم جاء ستالين واهتم بالشعوب وأعراقها واديانها وطوائفها، حل مسألة الاقليم ولم يتركها عامل توتر، وقد ظلت على هدوئها، مع ان سكانها هم بأغلبيتهم من الأرمن فيما تدعي أذربيجان انه يقع في أراضيها، وحين ضعف الاتحاد السوفيتي وبدا الاضمحلال عليه، نشبت حرب بين الدولتين من أجل الإقليم عام 1988 إلى أن تم إنهاء الصراع عام 1994 ودام حتى اليوم على حال من الهدوء التام.

 

فجأة آفاق العالم على تجدد الصراع، فلا ثمة مايعكر الأجواء ، وليس هنالك حتى مجرد كلام يعتبر مقدمة لما جرى اذا اعتبرنا أن بعض الحروب تبدأ بالكلام ، ولأن اذربيجان تركية المضمون، فليس هنالك مايبعث على الإدراك ولو بقراءة بسيطة أولية، من أنها وراء التحرك الذي يعتبر في أساسه أنه يمس روسيا وعداوتها الحديثة ضد تركيا، اضافة إلى أن تركيا تضرب عصفورين بحجر واحد، لأن العصفور الآخر المضروب هو إرمينيا المعروفة بعدائها التاريخي مع تركيا التي تعتبرها وتحملها المذبحة الكبرى للأرمن منذ قرن تقريبا والتي ذهب ضحيتها مليون أرمني آنذاك.

 

إذاً لابد من الاعتراف ان موقع المشكلة هو بين دول ثلاث ( تركيا وروسيا وإيران)، وعندما نعرف معنى الحدود هذه، يصبح لدينا التفسير المنطقي الوارد ، بأن الصراع المتجدد بين أرمينيا وأذربيجان هو ابن الحالة المستجدة بين تركيا وروسيا اضافة إلى إيران في بعدها الإقليمي أيضاً.

 

لايمكن قراءة الصراع المفاجيء بين الدولتين على انه مجرد نزوة، خصوصا وأن روسيا دخلت على خط التهدئة مباشرة، وكذلك إيران، ثم تركيا لاحقا من باب حرصها على الموقف الاذربيجاني ليس إلا.

 

إنه تصعيد اذاً بناء على مواصفات لها علاقة أيضاص بواقع مايدور في العالم العربي وفي سوريا تحديداً، ناهيك عن أنه فتح لملف آخر ربما يشبه ملف أوكرانيا بخصوصيته الروسية، وبابعاده التي دفعت إلى الحصار الذي فرض على روسيا.

 

هل يمكن بالتالي قبول هذا التحليل بابعاده تلك .. لايمكن فهم ماجري بين أذربيجان وأرمينيا إلا من خلال تلك الصورة التي تفسر نفسها بنفسها وتنتمي إلى عالم هو أكبر منها بل هو محركها.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=33491