وجهات نظر

باختصار: تدمر في خاطري

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية

ليست مجرد مدينة أنها عاصمة لروح الثورة في تاريخ يتكرر بل لروح التمرد والالتصاق بالأرض وبالوطن.. لو عرفنا تاريخ زنوبيا ملكتها لوجدنا ذلك الترابط بين حريتها في التاريخ وحريتها الآن. فعندما استقلت زنوبيا عن روما جاءها التهديد من كل مكان، لكنها رفضته، ثم جاءتها رسالة استسلام من امبراطور روما أورليان فرفضته وإهانة مرسله وقالت صموداً حتى النهاية.

 

ليست المرة الأولى التي تنتج فيها منطقتنا هذا النوع من الأبطال، كان هنالك هنيبعل الذي لم يتمرد فقط على الرومان بل ذهب إليهم في عقر دارهم وحاربهم. هي قصة من قصص بلاد الشام، من سنواتها المفتوحة على شرف الصمود والبذل. مثله الكثير في تلك المنطقة، واليوم نعيشه، ممثلا بالجيش العربي السوري في أروع تقديماته لنا، نصره في تلك المدينة، من أجلها، ولتاريخها الذي هو الجزء النابض من مسيرة عشق للتراب الوطني.

 

هي تدمر، التي عرفنا قبل أن يصلها جيشنا العربي كيف تتهيأ لاستقباله. الأبطال لا يموتون إلا مرة واحدة، يصنعون النصر وبطولاته، ثم يختفون خلال شاشة بيضاء يتأملون ما صنعته أيديهم. هذا صحيح في تدمر، وفي بقية ما فعله من نصر جيشنا العربي السوري.. وبتقدير الخبراء العسكريين تكاد أن تكون خطة تحرير تدمر قد تجاوزت كلاسيكيات المعارك العسكرية لتدخل في أكثرها جدة بحيث لم تعرف في معارك عسكرية من قبل.

 

وفي تدمر ما زال الزمن واقفاً يذكر كما قلنا بأبرز بطولات بلاد الشام، بسورية الحرة منذ أن سافرت في التاريخ الإنساني. هنالك مدينة كاملة مازلت أذكر حجارتها الضخمة، لأذكر بالتالي إنسانها الذي بناها وعلاّها ثم حولها إلى مسرح ثورة صارت عصية بوجه امبراطورية، وصار لها الصيت الذي ملأ كون ما مضى. بكل هذا الإرث الذي تحمله تقديراً لعاصمة الروح الثورية، بل تقديراً لامرأة قررت أن تقول لا في الزمان الذي قال فيه كثيرون نعم ولم نعد نذكرهم، ولاؤها أنها وقفت بوجه امبراطور لم يكن يرضى إلا أن يكون الكل عبيده.

 

إذن حررها الجيش العربي السوري، أضاف على لائحة الوطن جزءاً عزيزاً عليه، لكن المسألة لم تنته هنا ولن تنتهي، فما زال العدو متمترساً في أجزاء من الوطن، وينبغي أن يتم سحقه من جديد. الإرهاب لا يقتل فقط، بل يسحق، يجتث اجتثاثاً كي تتقطع جذوره ويصبح شذراً في الهواء. وهاهو الجيش العربي السوري يقترب من معارك مصيره الكبرى، لعل آخر المعارك أصعبها، وأكثرها كلفة، ولكن من يدري قد تكون الخطط ذات شأن كبير فتمر الأمور بشكلها الطبيعي وتسدل الستارة نهائياً على زمن ومرحلة. زمن كشف مستور كثيرين، ومرحلة إسقاط إرهاب نما في ظل هذا المستور المكشوف.

 

تحية لرجال الجيش العربي السوري الذي يأخذنا في كل مرة الى نصر صامت نتباهى به، وهو أثناء استراحته كمحارب، يقرأ خططه الجديدة التي سيمضي بها الى أمكنة اخرى مازالت تطلبه وتومئ اليه برأسها طالبة الخلاص.

 

وقريباً سيرتفع العلم السوري بنجمتيه فوق كل سورية على عزف لاينسى من صنع حماة الديار.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=33228