وجهات نظر

باختصار : متى ينسحب حلفاء موسكو؟

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن


الخطوة الاستباقية التي نفذها الرئيس الروسي بوتين لم تزعج الحلفاء، بقدر ماوضعت النقاط على الحروف بالنسبة لمعارضين ومن ورائهم .. تحرك طائرة روسية باتجاه موسكو لايعني إنهاء الوجود الروسي تماماً، فروسيا لايمكن إلا أن تكون موجودة وحاسمة في خيار من هذا النوع، إنها قبل أن تنشيء أسطولها المباشر كانت أكثر الفاعلين والمعلوماتيين والذين قادوا مرحلة من أصعب مراحل سورية، لكنهم حين وصل بهم الحساب الدقيق للتدخل، فعلوها دون إبطاء، ومن عايش جميع مراحل الحرب على سورية يعرف معنى المشاركة الروسية والنتائج التي أدت إليها.

 

روسيا باقية في سورية في كل الحالات، هي لاتملك خياراً آخر، وليس باستطاعتها إفراغ عسكرها وآلياتها بهذه السهولة، هي إدارة للموجود على أنه من الثوابت، فإذا ذهبت طائرة ظلت البقية على دورها .. ربما لم ينتبه كثيرون ماكان قاله بوتين في بداية تحريك قواته إلى سورية من تحديد لمهماتها ومن توقيت حدده يومها بأربعة اشهر، لكنه تجاوزه، ومن عادة القادة أن يضعوا في حساباتهم خيار تمديد الوقت الذي يحددونه في بداية مهمة صعبة كتلك التي قام بها جيش روسيا في سورية.

 

إذا سألنا حلف موسكو من إيران إلى حزب الله إلى سورية ذاتها عن قراءة الخطوة الروسية الجديدة سنجد جواباً واحداً عند الجميع بأنهم غير قلقين وليسوا متخوفين من تغيير الواقع الذي وصلوا إليه .. هنالك برأيهم أمور حسمت تماماً ولم تعد تخيفهم، وهنالك تطورات حصلت في الميدان أدت إلى تشبث الجيش العربي السوري وحلفائه بما وصلوا إليه ، وهذه لن تتزحزح إطلاقاً.

 

لكن السؤال الذي بوشر بطرحه من منابر مختلفة، متى ينسحب حلفاء موسكو من سورية، من حزب الله إلى ايران إلى قوى مختلفة أخرى، وكلنا يعرف حجم التنسيق بين تلك الأطراف، وقد كان الملفت للنظر أن حزب الله انطلق للمشاركة المباشرة في الحرب بعد اللقاء المهم بين الأمين العام للحزب حسن نصرالله ونائب وزير الخارجية الروسي بوغدانوف في بيروت عام 2013 ، والتي قيل يومها أنه كان لقاء مصارحة أدى إلى هذا الحراك الجديد، وقد تبين دائماً أن لا أحد في هذا الحلف يتحرك وحيداً ومن تلقاء نفسه، بل هنالك على الدوام تنسيق ومشاركة وتشارك في الخطوات المهمة، وكلها في سورية مصيرية ولا يمكن النظر إليها إلا من هذا الباب.

 

لن يكون هناك اختلاف بين سبتمبر الماضي، فترة المشاركة الروسية، وبين الخطوة الأخيرة، هو عالم يدرس جيداً طبيعة التفاصيل التي تحققت وما ينبغي تحققه. لكن الروسي الباحث دوماً عن سلام، يعرف أن الوصول إليه هو المزيد من الحروب عند أطراف باتت تقاتل من أجل القتال، عنادها في الميدان صار واضحاً، وهذه لم تعد مسألة بحث عن ربح فقط، بل لإثبات وجود، وكلما ضاقت خياراتها العسكرية تحولت إلى انتحار، هكذا تكشف بعض التقارير من الميادين المختلفة.

 

لاخوف إذن على سورية ولا على الحلفاء ولا على الميدان الذي حسم تقريباً مع أن المعارك فيه قد تفتح في أي وقت، وما الهدوء الحالي على الجبهات سوى استجابة لضغوط الكبار الذين على مايبدو يريدون التأسيس لنقلة أخرى سياسية توازي صمت النار.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=32905