وجهات نظر

هل تُنتج الديمقراطية الأميركية "كارثة" عالمية؟

د. قحطان السيوفي


الإعلام تايم - الوطن

وردني بالبريد الالكتروني سؤال (لماذا قد يختار الحزب الجمهوري الأميركي ترامب في السباق إلى البيت الأبيض؟) في معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية كيف يمكن أن يُفهَم صعود نجم المرشح الجمهوري (دونالد ترامب) النرجسي المهووس ليكون الرئيس رقم (42) للولايات المتحدة الأميركية الدولة الأقوى في العالم، التي يرى أنصارها بأنها معقل الديمقراطية، وضامنة النظام الرأسمالي الليبرالي المُعولم!

 

مرشح الحزب الجمهوري الأميركي ترامب يبدو عملياً مُروجاً لتوهم ما يسمى (جنون الشك)، ويجاهر علناً بعدائه للأجانب ويدعو إلى بناء جدار على الحدود مع المكسيك واعتقال 11 مليون مهاجر غير مسجلين وترحيلهم ومنع كل المسلمين بشكل مؤقت من دخول الولايات المتحدة. ويرى المراقبون أنه أقرب إلى الحماقة والجهل.. وخاصة أنه ليس لديه أي خبرة في المجالات السياسية.

 

يُثير المرشح الملياردير ترامب مخاوف أقطاب الرأسمالية الأميركية، في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة… وقائمة مخاوف أسواق المال طويلة، بدءاً بحرب تجارية مع كل من الصين والمكسيك، وصولاً إلى زيادة الضرائب… مروراً بنزاع مفتوح مع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والعرقلة في الكونغرس… وتتكون أعماله من إقامة الآثار القبيحة لإرضاء غروره… كما ورد في (الفاينانشال تايمز 2/3/2016 حيث ذكرت أن انتخاب ترامب السيئ للغاية يهدد بنهاية دولة عظيمة).

 

أحد أهم المنظرين المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري الأميركي (روبرت جاكان) كتب في صحيفة واشنطن بوست الأميركية، يؤكد أن ترامب لا يعدو أنه وحش فرانكشتاين للحزب الجمهوري وأن (ترامب النتيجة الوحشية "للعرقلة القوية" في الحزب، وشيطنته على المؤسسات السياسية مع التعصب…) كتب (جريج فاليار) مسؤول الإستراتيجية في صندوق "هورايزون إنفستمنتس" الاستثماري: إن ترامب يخيف "وول ستريت"، وهو غير ملتزم بأي قيود، ويحمل الغموض، والأسواق تكره الغموض، وأضاف بوجود بواعث قلق إزاء هجماته المتكررة ضد الصين واليابان… وموقفه من التبادل الحر، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لعقد اتفاقيات تجارية مع آسيا، والمحيط الهادئ، وأوروبا. وتثير الحمائية التي يدعو إليها ترامب استياء الشركات المتعددة الجنسيات…

 

وقال مارك بيري الخبير في معهد "أميركان إنتربرايز إنستيتيوت" المحافظ للدراسات: إن ترامب لا يدخل في أي قالب اقتصادي، مشيراً إلى أن برنامجه مزيج فعلي من "الشعبوية والانعزالية"… ويسود العداء لترامب الأوساط المصرفية، ويصرح رئيس مجلس إدارة "غولدمان ساكس"، بأن صورة ترامب وأصبعه على الزر النووي تثير ذهولي… إذا كان ترامب عاجزا عن إدارة شركة، فكيف له أن يدير بلدا؟ كل ذلك وغيره من مواصفات ترمب تجعله غير مؤهل بشكل واضح ليتولى منصباً سياسياً قيادياً هو الأكثر أهمية في العالم.

 

هل يمكن أن تسمح القيود الدستورية في بلد يدعي حماية الديمقراطية؛ باستمرار رئاسة شخص مهووس تم انتخابه… مع ذلك، ظاهرة ترامب تتعلق بنمط "الديمقراطية الأميركية"… أثناء إنشاء الجمهورية الأميركية، كان المؤسسون يدركون مثال روما، حيث جادل ألكسندر هاميلتون في الأوراق الفيدرالية بأن الجمهورية الجديدة ستكون بحاجة. لمنح السلطة المطلقة، وإن كانت مؤقتة، لرجل واحد، يدعى (ديكتاتور.. كل من أبراهام لينكولن، وروزفلت فعلا بعض الأمور غير العادية في زمن الحرب، لكن هذين الرجلين عرفا حدودهما…. هل يمكن لرجل مثل ترامب أن يعرف حدوده؟

 

تشعر "وول ستريت" بعد انسحاب جيب بوش أنه لم يعد لها مرشح، وباتت على وشك الإذعان والموافقة على انتخاب الديمقراطية هيلاري كلينتون وقال جريج فاليار: إن "هيلاري كلينتون شيطان نعرفه، وهذا أفضل من شيطان لا نعرفه"، ويتعرض ترامب لانتقادات شديدة من المؤسسة الجمهورية التي تخشى أن يقود الحزب إلى هزيمة مدوية سيكون على الشعب الأميركي أن يقرر نوع البشر الذين يرغب في إيصالهم إلى البيت الأبيض. الآثار المترتبة على هذا الخيار بالنسبة لهم وبالنسبة للعالم ستكون عميقة… لاشك أن نمط ومفهوم الديمقراطية الأميركية على المحك… وخاصة مع معارضة الخارجية الأميركية الحالية للقرارات الخاصة بأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومطالبة وزير الخارجية الأميركي ونائبه بإلغاء البند الخاص بفلسطين على أجندة مجلس حقوق الإنسان، وهذا يمثل أكبر ظلم وأطول انتهاكات يشهدها تاريخ الإنسانية المعاصر… هذا مع ديمقراطية أوباما! فكيف إذا وصل ترامب المهووس إلى البيت الأبيض إنه خطر حقيقي مثير للقلق في أنحاء العالم. إن أصبح ترامب رئيساً فسيكون ذلك بمثابة كارثة عالمية.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=32590