وجهات نظر

في الحدث : منتجات أرض محتلة

طارق أشقر


الإعلام تايم - مقالات وآراء 

تشهد الأراضي المحتلة داخل "إسرائيل" حالياً، حراكاً سياسياً واقتصادياً كبيراً بين المزارعين من المستوطنين اليهود، معترضين على ما طالبت به شركات لتسويق الأغذية الأوروبية من ألمانيا وهولندا بضرورة كتابة عبارة (منتجات أرض محتلة) على كافة المنتجات الزراعية المصدرة من غور الأردن وغيره من الأراضي المحتلة إلى أوروبا ، على أن يكون ذلك اعتباراً من منتصف شهر مارس الجاري.

 

وقد تميز هذا الحراك بردة فعل قوية من الجانب "الإسرائيلي" خصوصاً الإذاعة "الإسرائيلية" التي وصفت هذه المطالبة الأوروبية بأنها أقرب إلى اللاسامية ومحاولة إلى الصاق وصمة العار على جبين المزارعين "الإسرائيليين" ووصفهم بانهم يحتلون أراضي فلسطينية.

 

إن رفض الإذاعة "الإسرائيلية" لوصمة العار، يأتي في سياق قلب الحقائق ورفض تسمية الأشياء بمسمياتها وكأن مبدأ الاحتلال واستمراره إلى الحين ليس عاراً والإنسانية على أعتاب القرن الحادي والعشرين، الذي ينبغي أن تنتهي فيه حالات الاحتلال في كافة أنحاء العالم طالما الإنسان يسعى دائما للرقي بالإنسانية مفهوما وحياة وسلوكاً ورقياً.

 

إن لم تكن الأراضي التي يزرعها المستوطنون اليهود في غور الأردن وفي غيرها من الأراضي الفلسطينية أراضي محتلة وبقوة السلاح، ماذا يمكن أن يطلق عليها من تسمية؟ وماهو الاسم المناسب لها في رأي من يزرعها من غيرأصحابها؟ فهل هي أراض مستأجرة ؟ أم هي أراض يقومون بفلاحتها مقابل أجر يدفعه لهم أصحابها الفلسطينيون؟ أم مزارعوها قوم يرعون هذه الأراضي ويطرحون البركة عليها لتنتج عنباً وزيتوناً وغيرهما؟

 

لاشك أنها أراض محتلة بالقوة، وانقلبت فيها الموازين حيث أصبح صاحب الأرض أجيراً، والمحتل سيداً، وهي حقيقة يؤكدها الواقع الفلسطيني و"الإسرائيلي" المعاش، وأكدها قولا وزير الزراعة "الإسرائيلي" أوري أريئيل في سياق تعليقه على الطلب الأوروبي، واصفاً القرار بأنه سيمس بالدرجة الأولى الفلسطينيين وأن من شأنه أن يؤدي إلى فصل العمال منهم من عملهم، وهذا معناه أن الفلسطينيين مجرد عمال فقط.

 

ورغم ما يمكن إطلاقه على الطلب الأوروبي بأنه طلب (فنجري) بمعنى أنه طلب شكلي، إلا أنه في نهاية الأمر يعتبر موقفاً أخلاقيا يشار إليه بالبنان كونه سيؤدي إلى ممارسة بعض الضغوط الاقتصادية على "إسرائيل" من خلال لفت نظر المستهلك الأوروبي إلى أن المنتج الذي ترغب شراءه مزروع في أراض محتلة، وحينها سيتراجع المتعاطفون والأخلاقيون من شراء هذا النوع من المنتجات مما يؤثر في نهاية الأمر على مستوى الطلب على المنتجات "الإسرائيلية" الواردة من الأراضي المحتلة.

 

وعليه فإن قدرة ألمانيا وهولندا على تنفيذ طلبها أعلاه، وقبول "إسرائيل" به ان حدث ذلك، ربما يساعد على الدفع بـ"إسرائيل" تجاه حلول أخرى، نأمل ان تنعكس إيجاباً على حياة المزارع الفلسطيني الأجير في أرضه سواء عبر صيغ شراكة زراعية جديدة على اسوأ الفروض أو بتسليم الأراضي الزراعية لهم بعد الإنسحاب منها، وهذا حلم تحقيقه أقرب إلى المستحيل في الوقت الراهن.

 

وبذلك مازالت أوروبا وهي الأقدر في الوقت الحالي مطلوب منها ممارسة المزيد من الضغوط على "إسرائيل" لكي تلتزم بأبسط ما ينبغي الالتزام به من المواثيق الدولية التي تحكم احتلال أراضي الغير ، كما عليها أن تحترم حقوق الإنسان الفلسطيني ، وأن تبدي الجدية في السعي إلى سلام عادل مع الفلسطينيين بهدف الوصول إلى صيغة السلام على أساس قيام دولتين.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=32563