وجهات نظر

باختصار : الأحلام الدونكيشوتية

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية


قبل أن تحتل الولايات المتحدة العراق قال وزير دفاعها رامسفيلد يومها إنه سيعيد العراق إلى القرون الوسطى، فإذا به بلداً منتفضاً، طرد أقوى قوة عاتية، وسجل في تاريخه أنه ذهب إلى قرون لاحقة، إلى زمن تسري في عروق شعبه معالم حياة متجددة، ومهما بلغ سوءاً مرحلياً، فهو جزء من الدفاع عن النفس لتثبيت صورة نموذجية لوطن موحد.

 

وقعت أميركا العظمى في حلم دونكيشوتي حين ظنت أن العراقيين سيصفقون لدخولها.. تماماً مثلما حلم "الإسرائيلي" بأنه باق في جنوب لبنان، فكان أن طرد منه، ثم حاول أن يلعبها في العام 2006 فتكسر اداؤه وسقط في الحلم الاميركي ذاته.

 

والذين ظنوا سورية سهلة المنال، عاشوا الحلم إياه، وها هم في العام السادس للحرب على سورية الذي سيبدأ بعد أيام، يتخبطون وأقدام الجيش العربي السوري تطاردهم..هؤلاء الأشرار لم يدخلوا في العظمة الشامية، ولا في الفعل المتمايز الذي أحدثه حافظ الأسد لتكون سورية بشار على مناعتها وديمومة الحضور ” الأسدي ” الذي حماها.

 

وهاهو اللعب الرديء يتسلل إلى لبنان الغاضب.. لابد من إفهام المغامرين بأن هذا البلد القليل المساحة والقليل في عدد شعبه، لديه قواه الحية التي ستمنع حدوث أي طارئ مهما كان نوعه. هؤلاء الدونكشيتيون الخاسرون سلفاً عليهم أن يكفوا عن اللعب في فضاء متين وقوي لديه كل الأرجحية بأن يحقق انتصارات بالجملة سواء على "إسرائيل" أو في سورية أو أي مكان آخر يخصه. فليسألوا "إسرائيلط التي ما زالت تلعق هزيمتها المرة منذ عشر سنوات، ليس في تاريخ الكيان الصهيوني استمرار هادئ لجيشها لسنوات طويلة، سوى أن خوفها من الجبهة اللبنانية تمنعها من ان تقترب إليها او تغامر نحو خسارة مؤكدة إذا لم تحسب لها حساباً صحيحاً مائة بالمائة.

 

من يفكرون بالاعتداء دونكيشتيون، أو بالاحتلال هم كذلك، لم تعد تلك الأقطار التي تمايزت بعنفوانها لقمة سائغة، بقدر ما تحولت إلى فزاعة متأصلة تخيف ولا تخاف، صامدة كجبالها، ولأنها متجذرة في أرضها لديها كل الصحة والعافية التي تجعلها منتصرة.

 

صحيح أن لبنان أمام محنة ليست جديدة في سمائه، لكنه دائماً أذلها ليوجد هواءً صحياً بدل من هوائهم الفاسد الذي يطلع كغبار صحراوي. وأما سورية فقد أعطت الجواب النهائي واختصرت على الدونكيشتويين حلماً سيظل سراباً.. وفي العراق صراع مرير لن يتراجع حتى يعيده إلى مجده..

 

بكل بشاشة الروح أقول إن لبنان منتصر سلفاً قبل أن يبدأوا معركتهم معه، تماماً كما هي حال سورية التي تبنى فيها نفوساً مختلفة ستكون ناراً في الزمن المقبل على الدونكيشوتيين الحالمين الذين صرفوا مليارات من الأموال مقابل هباء في النتائج، وكانت الأمة بحاجة ماسة لكل فلس منها.

 

ومن العجب أن لا يتعلم الحالم الدونكيشوتي من تجاربه الآيلة دائماً الى السقوط، فيفتح جبهات جديدة ظناً أنها توفر له إمكانية كسب ما فإذا بها الرقم الصعب أيضاً.


من محاسن الزمن أنه كاشف للحقيقة، أصحاب العقل البارد يراهنون عليه، وهؤلاء قادرون على النصر فيما المستعجلون مأخوذون بقوة مصطنعة ليس لها أية مكاسب.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=32383