وجهات نظر

باختصار: الفرص العربية الضائعة

زهير ماجد


الوطن العمانية - الإعلام تايم


تجربة وقف النار في سورية فرصة، لكنها قد تضيع طالما أن الحرب لم تقدم لصناعها ومموليها وداعميها ما يرضيهم .. كلما استمر القتال، زاد الممولون والداعمون من وتيرة صب المزيد من النار كي تأكل الأمل .. وانطلاقاً من قناعاتهم التي تقول بأن أهداف حملتهم لم تؤت ثمارها، سيكون عليهم الرضوخ بالقوة طالما أن الطرفين الروسي والأميركي أقرا الهدنة واشتغلا عليها ووجدا فيها ما يمنع من تورطهما المباشر.

 

لكن الخوف أن العرب سيضيعون فرصة التهدئة، كعادتهم في العناد الذي لم يدل يوماً على عقل بارد، تماماً مثلما حالهم مع لبنان حيث من الممكن كما تقول معظم الكتابات عنه، تحويله إلى شكل يمني، والبعض يرى أن الضغط العربي على لبنان قادم بوتيرة أكبر، وأن فرصة التفاهم على ترطيب أجوائه قابلة في أية لحظة إلى الأفول.

 

ومثلها في اليمن التي تبدو الخطط الموضوعة لها أنه قد تتجاوز سنوات. ثمة من" ينصح" العرب دائماً على قتل الفرص الثمينة لوعد من الحلول، وثمة من يريد أن يذهب بهم إلى حروب مصنوعة على ورق لا يراد لها سوى التنفيذ، فإذا بهم ينفذون فور تسلمهم القصاصات، ويقال أحيانا أوراق الفاكس، واليوم صار الانترنت سيد التحاور ، او ربما السكايب.

 

والمثال الدامي أيضاً الذي لايراد له فرصة حل هي ليبيا الضائعة بين محاورها التركية ، والعربية والأطلسية، وبين رغبة قبائلها باقتسام بلادهم وأكل غنائمها كل على طريقته. من يفيق على أكل الجبنة لوحده، يرفض أن تمكن من اقتسامها مع أي كان. ليبيا الواقعة في دائرة الشر تتآكل يومياً وكل ساعة أمام خيارات ثمة من استفاد منها وجعلها من ثوابت الحال الذي لا يراد له حل.

 

دخلت سورية بالأمس في تجربة صمت للمدافع وأزيز الرصاص والموت في كل مكان وكذلك الخراب، معادلة فيها جدية البحث عما هو أبعد من خطة الصمت. هنالك إعادة توضيب الوضع الداخلي من انتخابات مجلس النواب والتهيئة لانتخابات الرئاسة خلال 18 شهراً ، لكن على ما يبدو أن الملحقات بذلك، والتي أقرها مؤتمر فيينا، سائرة أيضاً في طريقها المرسوم إذا لم تضع هذه الفرصة عربياً وتركيا .. فليس هنالك تمزيق للمؤسسات الوطنية، بل هنالك وحدة التراب السوري .. كلام لا يعجب البعض، لكنه ممهور بقوة دولتين عظميين.

 

إذن، ويبدو دائماً، إما أن العرب يضيعون فرصاً، أو أن ثمة من يدفعهم للتضييع، وفي الحالتين، هنالك صورة ثابتة عن " الأخوة " العربية المظلومة التي أضاع بعضها بوصلتها فذهب في اتجاه معاكس لحقيقتين اثنتين: فلسطين، والعمل العربي المشترك الذي أقر كثيراً في مؤتمرات قمة وفي لقاءات ثنائية، فإذا به عمل عربي مشتبك مع حاله ومع آخر.

 

لو نظرنا إلى خارطة الأرض لما وجدنا اضطراباً دموياً سوى في الشرق الأوسط وأكثر اقتراباً بين العربي والعربي. هي الصورة الثابتة مهما بدت أحياناً عكسها..

 

لا أمل إذن في عالم إضاعة الفرص، كأنما هنالك انسجام وترتيب بين المصلحة العربية القائمة على هكذا ثوابت.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=32229