تحقيقات وتقارير

ابغض الحلال.. ينمو في تربة الأزمة الخصبة


رنا الموالدي - الإعلام تايم 

ضاعفت الأحداث التي تمر بها سورية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي الأمراض الاجتماعية التي استوطنت البلد وما زالت تكبر مع استمرار يوميات الأزمة، وبما أنه لا يمكن فصل المجتمع عن الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عند مواجهة الأزمات والحروب والكوارث, فنحن أمام منظومة الكل يؤثر في الكل, فأحياناً ينعكس ما هو سياسي على ما هو اجتماعي, وما هو اقتصادي ينعكس على السياسي وتالياً هذا ينعكس حكماً على الأوضاع الاجتماعية.

 

الطلاق والأزمة

الطلاق واحدة من القضايا الاجتماعية  التي وجدت في طول أمد الأزمة بيئة حاضنة وخصبة لتكبر وتنمو، حيث  ارتفعت نسب الطلاق في سورية بشكل لافت ووقف وراء ذلك جملة من المبررات كالحالة المعيشية وظروف البلد بشكل عام وفقدان الكثيرين لفرص عملهم ومصادر قوتهم اليومية، مقارنة بالأسباب المرتبطة بالعقم ورغبة الزوجين بالانفكاك تراضياً وتلقائياً، حيث وصلت نسبة الزواج إلى الطلاق 2015 إلى 21,24 % بحسب القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي.

 

وقال المعراوي في حديث خاص للإعلام تايم،  لقد تنوعت حالات الطلاق منها "غيابياً" أو "موجوداً"  فالأزمة خلفت العديد من القضايا أمام المحاكم الشرعية، وتدل الأرقام على أن حالات الطلاق في زيادة لتوفر العوامل والمحفزات لنمو هذه الظاهرة، موضحاً دور الأزمة في ازدياد دعاوى التفريق فالحالة الاقتصادية وعدم تأمين المسكن ووجود أكثر من عائلة في البيت الواحد وحدوث خلافات عائلية أدت للطلاق, وأحياناً كان الاختلاف في الآراء، كما أن  هناك حالات كثيرة ترجع إلى أسباب اجتماعية منها عدم وجود الكفاءة الزوجية بين الزوجين، وخاصة أن معيار الكفاءة الزوجية لا يمكن ضبطه، وعادة يعود تقديره إلى الأهل أو القاضي الشرعي في حال عدم وجود ولي الأمر.

 

ونوه معراوي، عن ازدياد نسبة حالات الطلاق التي تقع في السنة الأولى للزواج، وذلك لأسباب عديدة كالزواج دون السؤال عن الزوج أو الزوجة ، أو أن يكون الزواج مبنياً على مصلحة، وعدم معرفة  كل من الزوجين بالحقوق و الواجبات الاجتماعية جرّاء هذا الزواج مما ينجم عنه نشوب خلافات تكون نتيجتها الطلاق.

 

مشاريع صغيرة.. وغياب رسمي

عدد كبير من النساء السوريات تحولن إلى مطلقات، عليهن الإجابة في كل ليلة عن سؤال أطفالهن أين بابا؟، ومتى سيعود؟؟،فوق ذلك، عليهن الصمود في ظل ظروف اقتصادية صعبة، وعليهن تجنب النظرات القاتلة والهمسات السامة فهن بتن مطلقات.

 

تقول نهى 34 عام ربما هناك عدد من المشاريع تعمل على تنمية مهارات بسيطة لدى السيدات، تقيم دورات مثل التمريض والحلاقة النسائية والخياطة.. لكنها  مجرد محاولات لا ترقى إلى المستوى المطلوب كي تتمكن النساء من إعالة أنفسهن وعائلتهن، ومن المفروض أن نشهد تعاوناً بين عدد من الوزارات مثل وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل والنقابات لطرح مشاريع وقوانين تبعد شبح العوز عن النساء.

 

 مطلقات صغيرات

 

تروي نور19  عام  قصتها فتقول: التسرع وعدم التفكير جيداً في العريس وراء طلاقي، حيث وجدت معظم صديقاتي من حولي متزوجات "كيلا لا يفوتني القطار"، إضافة إلى ظروف الأزمة حيث اضطررنا للنزوح... نحن نسكن بغرفة حالياً.....  اكتشفت الفارق الفكري بيننا فهو ما يزال طالباً في الجامعة ويتقاضى مصروفه من أسرته.

 

بالمقابل  حدثتنا سلمى 22 عام أنها  كمطلقة تعمل على التعايش مع الواقع، وذلك نتيجة ظروف الحرب القاسية التي تفرض عليها العمل بسرعة للانتقال من وضع إلى آخر، مما يخلف إمرأة منهارة من الداخل، قوية من الخارج، تتغاضى عن احتياجاتها الجسدية والنفسية، من أجل البقاء صامدة ضمن مجتمع قاصر.

 

 الطلاق وبحسب رأي القاضي الشرعي الأول في دمشق  حالة اجتماعية أكثر منها قانونية لا نستطيع أن نتعامل معها  إلا من خلال جملة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي انعكست على الأسرة في المجتمع السوري، فالأزمة كشفت وحركت ما كان مستوراً فعندما تظهر السلبيات من القاع وتطفو على السطح يكون ايجابياً  لنبني مجتمعاً قوياً من العمق ونعيد النظر في طريقة العلاقات وطريقة الزواج وقدرة الأفراد على التصدي للأزمات, فالأخلاق ليست حالة سطحية بل يجب أن تتمثل الأفراد سلوكاً وممارسة وتفكيرا

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=32136