وجهات نظر

باختصار: دابق .. استعادة التاريخ

زهير ماجد


الوطن العمانية- الإعلام تايم


على الخارطة السورية بلدة اسمها دابق قرب الحدود التركية سوف تستعيد تاريخاً أسود لتحيله أبيض .. ومن منا لايعرف ذلك الاسم ولم يحفظه جيداً .. من تلك البلدة دخل السلطان العثماني سليم الأول محتلاً لسورية ثم أكمل بعد سنة تقريباً احتلال مصر .. جيش عثماني جلب معه التخلف فجعل المنطقة أسيرته، وبقدر ما حل لعنة دامت أربعة قرون تقريباً، فقد كان صانع زمن لن ينسى، وكأن السلطان الحالي الحاكم لتركيا يسعى بكل قوته لإعادة كتابة التاريخ العثماني الأسود على متن أمة تبدأ ببلاد الشام ولا تنتهي ..

 

عندما سقطت المنطقة بيد العثمانيين من خلال دابق عام 1516 ، بدت وكأنها دخلت في ليل طويل، بل من نفق مظلم إلى آخر، عصور انحطاط كاملة جثمت على صدر الأمة التي رغم أنها كانت تصرف ثرواتها الفكرية والعلمية من أزمان مضيئة مضت، إلا أن العثماني كتب لها تاريخاً جديداً فيه الكثير من احتقارها واستعبادها وتفتيتها، بل انشغل العثمانيون بنشر الاضطرابات بين الطائفية والمذهبية وحتى بين الأسر وأحياناً بين الأسرة الواحدة، بل إنهم أرهقوا الناس بضرائبهم حتى أنهم منعوا عنهم الاحتفاظ بما يجنونه من الأرض، ووصل الأمر إلى فرض ضريبة لم تكن وليست معروفة إلى اليوم وهي ضريبة الرأس التي قيل إنها تخص الهواء الذي يتنفسه كل فرد.

 

هكذا هو التاريخ العثماني الأليم الذي مازال يعمل أحفاده الحاليون على إعادة رسم شكله ذاك من خلال إسقاط سورية وصولاً إلى بقية المنطقة .. دابق إذن شهدت أعنف معارك التاريخ القومي للأمة، حين اكتشف سلطان المماليك آنذاك قانصوة الغوري أن الدفاع عن مصر وبلاد الشام يبدأ من دابق، فجاءها من القاهرة على رأس جيش كبير لكنه لم يصمد أمام جيش جديد مدرب ولديه أحدث الأسلحة.

 

خمسمائة سنة إذن بالتمام والكمال مرت على هذا التاريخ الأسود .. وهاهو التاريخ يعيد نفسه .. يحاول العثماني الجديد أن يكرس من خلال تدخله بسورية كتابة نصه الذي لايفترق كثيراً عن واقع مضى من أسلافه.

 

لكن عين الجيش العربي السوري تتطلع الى دابق وغيرها .. ثمة حادثة مظلمة في التاريخ يريد تصحيحها، لقد جاء وقت استعادة هذا التاريخ لطرده من الذاكرة مثلما سيكون طرد الإرهاب المدعوم من العثماني الجديد من البلدة التي تنتظر اللحظة لتخلع حزناً قديماً جاثماً على أرضها فتكحل عينها بنصر مزدوج للجيش العربي السوري.

 

الآن يهدد التركي، مثلما هدد في السابق حين قال إن حمص خط أحمر، فأسقطها الجيش العربي السوري، فرد بالقول إنها حماة خط أحمر، فاذا بجيش سورية يسقطها، فعاد يقول إنها حلب هذه المرة ، فهاهي تعيش على وقع اقتراب جيش سورية العظيم، واليوم يقول إن إعزاز ممنوع سقوطها، ولكنها ستسقط أيضاً ..

 

نعود إلى التاريخ هذه المرة لنغسل عاراً تحملناه قروناً .. من المؤسف أن يكون هنالك جار ثقيل، لم يكتف بالإساءة إلى منطقتنا، بل سرق منها أرضاً بحجم بلد هي لواء اسكندرون، ومازالت الأحلام تراوده لعله يعيد أبلسة منطقتنا التي ذاقت الويل منه. من المؤسف أنه مازال يريد التكرار وهو في المرة الأولى كان مأساة وفي الثانية سيكون مسخرة .
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=31970