مقالات وأراء - الإعلام تايم
تبدو "إسرائيل" أكثر المتضرّرين من التحولات الميدانية والسياسية في سورية، لا سيّما تقدّم الجيش في الجنوب وانقلاب المزاج الشعبي نحو المصالحات مع الدولة السورية، تحريك جبهة القنيطرة أمس، يضعه أكثر من مصدر سياسي وأمني في محاولة "إسرائيل" خلط الأوراق وفرض أمر واقع واستعادة لـ"حلم المنطقة العازلة".
ولربّما كان عاما 2013 و2014 الأكثر استثماراً لـ"إسرائيل" في الجبهة الجنوبية السورية، مع نجاح المجموعات المسلّحة، التي أصبحت بمثابة "جيش لحد سوري"، في تسديد ضربات موجعة للجيش ضدّ مواقعه في التلال الحاكمة في القنيطرة والريف الشرقي لدرعا، ووصل الأمر في بداية 2015 إلى سيطرة هذه الجماعات على طول الشريط الشائك مع الجولان المحتل، لا سيّما معبر القنيطرة، ما عدا بلدة حضر المقابلة لبلدة مجدل شمس المحتلّة، وطرد قوات الفصل الدولية في الجولان "الأندوف"، والتهديد بفتح ثغرة غربية نحو العاصمة دمشق من مثلّث ريف دمشق ــ درعا ــ القنيطرة، نحو مخيّم خان الشيح جنوب غرب العاصمة، إلّا أن الجيش وحلفاءه اندفعوا في شباط 2015 بعملية عسكرية خاطفة ودقيقة للسيطرة على قرى المثلّث والتلال الحاكمة في محيطه، وتشكيل خط دفاعي متماسك لحماية خاصرة دمشق، ومنع ربط الحدود الأردنية بالحدود اللبنانية عبر جبل الشيخ نحو شبعا، فيما تمكّن المسلحون في الفترة اللاحقة من تحقيق بعض التقدّم في ريف القنيطرة وحصار بلدات حضر وخان أرنبة ومدينة البعث، وفي أرياف درعا أبرزها احتلال مدينة بصرى الشام واللواء 52. إلّا أن الربع الأخير من العام الماضي حمل سلسلة انكسارات للجماعات الإرهابية، لا سيّما بعد فشل 5 هجومات لما سمّي "عاصفة الجنوب" على أسوار مدينة درعا، واستعادة الجيش مجموعة من المواقع التي خسرها في محيط حضر واللواء 90، واستكملت هزائم الإرهابيين العام الحالي بالسيطرة على مدينة الشيخ مسكين نهاية الشهر الماضي، وبلدة عتمان الملاصقة لدرعا قبل عشرة أيام. ما يربحه الجيش هذه الأيام، من الصعوبة أن يخسره مجدّداً
وبحسب المصادر، فإنه "بات هناك اقتناع أردني بأن المملكة هي الخاسر الأكبر مهما كانت نتيجة الحرب في حال عدم التنسيق مع الدولة السورية، لأنه في حال سيطرة الإرهابيين على المحافظات الجنوبية سيرتدون على شمالي الأردن، وفي حال تمكّن الدولة السورية من دحرهم، فإنها ستوجّههم نحو الحدود الأردنية، وبالتالي لا بدّ من التنسيق".
وتقول المصادر إن "خطوة إعادة المعابر البرية بين الأردن وسورية ستحصل في المرحلة المقبلة، وهي حاجة أردنية أولاً، لكن السعودية لا تزال تعارض، والأردن لا يريد توتير العلاقات مع السعودية الآن".
أمر عمليات للمسلحين صباح أمس، أطلق أكثر من 12 فصيلاً مسلّحاً في القنيطرة معركة "وإن عدتم عدنا"، للسيطرة على عدة نقاط للجيش في القنيطرة، كـ"تلّ العلاقيات" و"تل قرين" و"سرية الجبيل" وبلدة الصمدانية الشرقية وبلدة جبا و"تل كروم" والمواقع المحيطة بها. جردة سريعة على أسماء الفصائل المشاركة كـ"فرقة الحمزة" و"جيش الأبابيل" و"جيش اليرموك" و"جبهة ثوار سورية" و"ألوية الفرقان" التي يرأسها المدعو محمد غصّاب الخطيب، تظهر أن هذه الفصائل يدرجها الغرب تحت خانة "المعتدل"، فيما تؤكّد مصادر أمنية سورية أن "المحرّك الأساسي لها هو الاستخبارات العسكرية "الإسرائيلية" (أمان)"، وبدا واضحاً غياب "تنظيم القاعدة في بلاد الشام ــ جبهة النصرة" و"حركة المثنّى" عن معارك الأمس، بعد أن أصيبا في مقتل جراء سقوط الشيخ مسكين، باعتبارها طريق الإمداد الرئيسي لقواتهما، وصراعهما المتفاقم مع باقي الفصائل "المعتدلة".
وبحسب المعلومات الأمنية، فإن "التخطيط للمعركة قديم، لكن القرار "الإسرائيلي" اتخذ قبل ثلاثة أيام"، لأن "أحوال الميدان لم تناسب "إسرائيل" مؤخّراً، وهي تسعى لإعادة فتح ثغرة باتجاه ريف دمشق الغربي، فيما تسعى الجماعات المسلّحة لتحقيق أي نصر معنوي ومحاولة استجرار الدعم من الدول"، خصوصاً أن "حديث الشارع الذي يطغى اليوم في القنيطرة ودرعا لدى المواطن والمسلّح، هو المصالحات".
وبحسب المصادر، فإن إحدى نتائج الغارات هي "قصف تجمّع في منطقة الجعيلة (غرب الشيخ مسكين قرب سدّ إبطع)، وهو نقطة تجمّع للانطلاق نحو القنيطرة ونحو الشيخ مسكين، فتم إحصاء أكثر من 26 جثّة وحوالى 40 جريحاً".
وتجزم المصادر بأن "القافلة خرجت من مرصد جبل الشيخ التابع لجيش الاحتلال "الإسرائيلي"، وهو ما تؤكّده مصادر أمنية لبنانية في معرض نفيها أن تكون القافلة قد خرجت من شبعا نحو القنيطرة، وكان سبق للمتعاونين مع الاستخبارات "الإسرائيلية" في بلدة جباتا الخشب أن عرقلوا جهود المصالحة التي تقودها الدولة مع والوجهاء في البلدة نهاية الشهر الماضي، في محاولة لاستمرار اعتداءات مسلحي جباتا على أهالي بلدة حضر.
محاولات لاستعادة الشيخ مسكين وعتمان
لا يتوقّف الجنون "الإسرائيلي" عند حدود القنيطرة، إذ تقول مصادر أمنية سورية إن "إسرائيل "تحاول إعادة تحريك جبهات درعا، إذ تخطّط الفصائل المسلّحة لإعادة الهجوم على الشيخ مسكين"، وإن "الفصائل الإسلامية ستستميت لإعادة احتلال الشيخ مسكين لأنها طريق إمدادها الرئيسي إلى القنيطرة، وهناك معلومات عن محاولة للهجوم على عتمان". كذلك يعمل "لواء شباب السنّة، أقوى الألوية الآن في الجنوب، على إعداد هجوم نحو خربة غزالة"، بعد هجوم فاشل في الأسبوع الماضي أحبطه القصف الجوّي والمدفعي العنيف. وتختم المصادر بالقول إن "ما يربحه الجيش هذه الأيام، من الصعوبة أن يخسره مجدّداً". |
||||||||
|