وجهات نظر

باختصار: حرب حتى العام 2020

زهير ماجد


الاعلام تايم_الوطن العمانية

كان لافتا ما صدر من لندن قبل أيام عن تقديم الدعم للنازحين السوريين من أجل صمودهم وتشغيلهم، أن تلحظ الميزانية التي وضعت والتي وصلت إلى 11 مليار دولار حتى العام 2020 ..
وهو تاريخ يصدر لأول مرة، في حين لم تكن التواريخ السابقة تتجاوز السنة أو الستة أشهر.

إذن، الحرب على سورية باقية حتى العام 2020 على ما يبدو .. تاريخ متأزم سيؤزم بالمقابل الشعب السوري الذي صبر ما فيه الكفاية، وسقط في حرب لم يجر لها مثيل في تاريخ الحروب والأزمات. عندما كنا نقول إن الحرب طويلة الأمد كنا ننفر السوريين من تلك الجملة التي يهلع لها القلب وتصيب صاحبها بالكآبة. ومع أن الشعب السوري اعتاد على نمط اختلفت فيه حياته تماما، إلا أنه ما زال يخاف الحديث عن حرب لها مقاييس ما مر عليه لسنوات أخرى.

المؤتمر الذي عقد في العاصمة البريطانية لغرض دعم النازحين السوريين وتشغيلهم، كان حدثا إذن في تحديد عمر الحرب السورية إذا افترضنا أنها تنتهي في العام المذكور. لكن يظل هاجس النازحين الذين يقيمون في مخيمات الذل في لبنان والأردن وتركيا وهؤلاء بالملايين، خصوصا في لبنان الذين وصل تعدادهم إلى أكثر من مليون ونصف، أي تقريبا نصف عدد الشعب اللبناني .. ومن المؤثر أن ولادات السوريين في هذا البلد وصلت خلال سنة إلى أكثر من سبعين ألفا في حين لم يصل لبنان إلى ستين ألفا من الولادات .. في وقت علم أن أكثر من خمسين ألف طفل سوري لم يعرف آباؤهم .. وفي حين كانت المساعدات التي يتلقاها كل نازح سوري تصل إلى ستين دولارا في الشهر، صارت اليوم عشرة دولارات .. أما المساعدات التي أقرت مؤخرا في لندن، فقد لا يصل لبنان سوى النزر اليسير، فيما تم تحويل ثلاثة مليارات دولار من لندن فورا إلى تركيا التي لا تحتاج مثل هذا المبلغ، فيما يحتاجه لبنان والأردن.

مسؤولة بريطانية قالت إنه لو انتهت الحرب اليوم فلن يعود إلى سورية أي نازح على الفور .. تبقى أن وجود هذا العدد من النازحين في لبنان مثلا سيخلق أزمات أمنية واجتماعية وقد يجدد مخاوف موجودة أصلا من الوجود الفلسطيني فيه وهو التوطين ..

من الواضح أن هنالك اتجاها عالميا لفرض استقرار في لبنان والأردن من أجل أن يظل النازحون السوريون متواجدين على أراضيهما، أي كي لا يتحركوا باتجاه الغرب بعدما تكشفت عورات هذا الغرب وارتباكاته عندما اجتاحته جحافل النازحين قبل فترة. أما تركيا، فيبدو أنها تتعامل مع الغرب من خلال مفاهيمها الخاصة، إذ كلما أرادت ابتزازه، أفلتت من عندها عددا من النازحين المقيمين على أراضيها باتجاهه.

من المؤسف أن نضطر لإعلان استمرار الحرب على سورية حتى ذلك التاريخ كما هي مرشحة وكما نخبئ بداخلها من مضاعفات ومعارك .. ولعل القيادة السورية تعرف هذا الأمر، بل هي تقرأ جيدا كل الاحتمالات وتستعد لها وربما تضع في حساباتها زمنا يتجاوز ذلك التاريخ المعلن في لندن.

هي لعبة الأمم في كل الأحوال، الكبار الذين يخترعون الحروب والأزمات ويقررون مصائر شعوب، لكنها تحتاج في كل مرة إلى هذا النزيف البشري الهائل وإلى خراب عميم، ثم إن هذا "المخترع" هو من يطرح نفسه بالمقابل من سيبني، لكن من يعيد الشهداء إلى أهاليهم وإلى وطنهم.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=31661