تحقيقات وتقارير

على عينك يا تاجر.. نار الأسعار تتحدى ماء الرقابة


لما محمود - الإعلام تايم

"كيف بدنا نعيش بهالغلا...؟ لأيمتى الأسعار بدها تضل مرتفعة...!" حالة من التذمر يعيشها المواطن السوري، وذلك بسبب غلاء جميع السلع والمواد الغذائية ومن بينها الخضار والفاكهة والعديد من الخدمات التي يحتاجها المواطن بشكل يومي في الأسواق.

 

خلال جولة لـ" الإعلام تايم" على بعض أسواق دمشق، تم رصد الارتفاع الهائل الذي بدا واضحاً في أسعار سلة المستهلك ، حيث وصل سعر1 كغ من البندورة بـ 350 ل.س بعد أن كانت 200 ليرة، والخيار البلاستيكي محلي أول بـ 400 ل.س، والملفوف بـ 150ل.س، والبصل الأحمر اليابس بـ 200ل.س ، والباذنجان بـ 400 ل.س،كذلك الليمون بـ 300 ، أما البرتقال فسعر الكيلو غرام الواحد بـ 150ل.س ، التفاح بـ 350ل.س ، والبطاطا بـ 300 ل.س ، أما الكوسا بـ 750ليرة، أما جرزة البصل الأخضر والفجل بـ 40 ليرة سورية.


وبلغ سعر الفروج الحي المنظف حالياً ما بين الـ1300والـ1400لي، بعد أن كان أقل من 800 ليرة، كما وصل سعر شرحات الفروج إلى 1500ليرة بعد أن كان بنحو الـ1000ليرة، كما وصل سعر طبق البيض إلى 1000 ليرة في حين كان سعره 600ليرة.

آراء المواطنين


الارتفاع الجنوني والمستمر للمواد بات حديث الشارع السوري، ويعتبرها البعض مشكلة عويصة  مستحيلة الحل، في ظل الاستغلال والاستحكام وجشع التجار وقيامهم برفع الأسعار بدون مبرر بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب مستغلين الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد فيمارسون الابتزاز والاحتكار وفرض الأسعار التي ترضيهم دون النظر إلى حالة المواطنين البسطاء.


في البداية تحدث لنا المواطن فايز منصور فقال: "السلع الاستهلاكية وزيادة الأسعار شيء غير طبيعي.. وغير الطبيعي أيضاً الزيادة في نفس النوع من محل إلى آخر فلماذا تتفاوت الأسعار وقد لا يفصل بين المحلين سوى أمتار قليلة"، وأضاف: يجب تثبيت الأسعار فهذا أمر ضروري جداً للمحافظة على المستهلك الذي هو الضحية بين أنياب لا ترحم ، كما يجب على "حماية المستهلك" متابعة للأسواق في كل وقت حتى يعلم البائع بوجود المراقب والمتابع.

 

بدورها، اشتكت المدرسة، حياة سليمان، التي كانت تنتقي مونتها من السوق من ارتفاع اسعار الخضار، وبينت أن أسعار كل من الخيار والبندورة والباذنجان مرتفعة بشكل غير مقبول، وأكدت أنها باتت عاجزة عن شراء حاجتها من الخضار والفواكه بكميات تغطي حاجة أسرتها لأيام.

 

وشاركنا وائل علي بقوله، إن غلاء الأسعار في الوقت الحالي يزيد الضغوط على المواطن ، موضحاً أنه بعد الموجة الأخيرة من زيادة الأسعار، تحولت أعداد كبيرة من الطبقة المتوسطة إلى الفقيرة، الأمر الذى سيؤدى إلى حالة من الركود الاقتصادي في البلد.

 

أضاف "أبو محمد" موظف.. هناك تفاوت في الأسعار بين محل وآخر لتصل لأكثر من ١٠٠ ليرة للكيلو الواحد كل بائع يبيع بضاعته بالسعر الذي يحلو له، ولا أحد يلتزم بلائحة أسعار التموين وعند سؤالهم لأحد الباعة عن سبب تذبذب الأسعار... وتفاوتها ، يجيب بـ جواب حضره لـ نفسه مسبقاً "الدولار عم يرتفع"، هنا نجبر على شراء الخضرة والفواكه بالسعر الذي يحدده البائع الذي لا يتنسب مع الدخل مع الاستغناء لبعض الاحتياجات منها.

 

حجة التجار


برّر بعض التجار.. ومنهم تاجر المفرق الذي وضع اللّوم على تاجر الجملة "سوق الهال" بأنه هو من يرفع الأسعار عليهم دون رقيب ولا يرضى البيع بفاتورة ويتهرب من إرفاقها.


ومن هنا، لابد أن تكون الرقابة فاعلة أكثر على الأسواق، لمكافحة الغش التجاري والارتفاع المصطنع وغير الحقيقي في الأسعار، لقطع الطريق أمام من يفكر في استغلال هذه الحجج، لتحقيق أرباح إضافية غير مستحقة على حساب المواطن وأصحاب الدخل المحدود.

 

التسعير الإداري

للتسعير الإداري دور في ضبط حالة الصعود الهستيري لأسعار سلع سلة المستهلك والخدمات للمواطنين بما يناسب مقدرتهم، الذي أجمع عليه الكثير من الخبراء والأكاديميين من أجل ضبط السوق، حيث أكدوا أن العودة إلى  نظام التسعير بما له وما عليه يفرض كحل أفضل بكثير من حالة الفلتان والتشوه السعري الرهيب الذي شهدته السوق المحلية السابقة والحالية،  ووسيلة لخفض التضخم ومحاربة الاحتكار وحسن إدارة الحياة الاقتصادية، وللتخفيف من معاناة السوريين، بالإضافة لتقليم أظافر الاحتكار ورموزه الذين امتصوا القدرة الشرائية للمواطن البسيط بغير وجهة حق..

 

من هنا تأتي حتمية العودة إلى  نظام التسعير الإداري التي تحظى بتأييد الكثير من الخبراء وباتت أشبه بالتحدي الذي يدفعنا إلى  الطاولة التنفيذية لاتخاذ القرارات المناسبة.

 

دور حماية المستهلك..

مدير حماية المستهلك في " وزارة التجارة الداخلية" باسل الطحان قال لموقع " الإعلام تايم" أنه تم رصد عدد من حالات التلاعب غير المبرر في أسعار بعض السلع لدى المحلات التجارية، وأوضح الطحان يكون الغلاء أحياناً في أسعار الخضروات والفاكهة له عدة أسباب منها يعود لأنواعه اذا كانت غير موسمية تكون مرتفعة أكثر من غيرها.. بالإضافة لارتفاع أجور النقل بين المحافظات، تقوم مثلاً محافظة دمشق باستجرار الحمضيات وبعض الخضار من اللاذقية، فهناك أجرة النقل، مؤكداً أن الوزارة توجه من خلال مديريات " التجارة الداخلية " في كل محافظة مسؤولية التقيد بالتعليمات.

 

وأضاف الطحان، أن الرقابة تبقى موجودة في الأسواق لمراقبة الغش لدى البائعين، سواء في الأسعار أو عدم الإعلان عن السعر بشكل واضح، أو الغش في الوزن وغيرها".، مضيفاً أن هناك توجيه من وزارة التجارة لزيادة عدد المراقبين، فلدينا أعداد قليلة نسبياً.

 

وختم الطحان أن "حماية المستهلك " لن تتهاون في ضبط المخالفين وتطبيق العقوبات بحقهم، ودعا المواطنين التعاون معهم في الإبلاغ عن أي حالة مغالاة في الأسعار .
تلد الازمات والحروب كثيرا من المشاكل.. تتغير الطبقات الاجتماعية على سلم التقييم الاجتماعي .. تتهاوى كثير من القيم الاجتماعية.. وتنبت بذرة الجشع لدى الكثيرين.. فيحلل هذا ويحرم ذاك كل على هواه ومصلحته.

 

وبين هذا وذاك يبقى الفقير والضعيف في المجتمع متمسكا بالقانون، وسلطة الدولة، فهي مرجعيته والحامي الذي يلجأ له.. تضعف تلك السلطة هنا قليلا وهناك احيانا.. الا أن ذلك لا يبرر انفلات الاخلاق، والضوابط من جميع الاسواق.

 

ينام السوري وهو يعاني من الازمة ضاغطاً على جرحه.. ويصحى آملاً أن تزول هذه "المحنة"، وتتمكن الحكومة من ممارسة رقابتها الاعتيادية على السلع، و تضع حداً لكل من يتلاعب بالأسعار، ونصرة الشريحة التي تعيش من تعبها اليومي.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=31537