وجهات نظر

فرصة لا تعوّض في جنيف..

باسمة حامد


الوطن -إلإعلام تايم

تردد "المعارضات" وتخبطها حيال قرار المشاركة بجنيف3.. لم يمنع الأمم المتحدة من الإبقاء على موعد إطلاق الاجتماع "بمن حضر"، فالحدث يمثل "فرصة لا تعوّض" بالنسبة لمنظمة دولية تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان وتسعى لترميم ما تبقى من "مصداقيتها" التي تضررت كثيراً على مدى سنوات "الأزمة"!!

 

في هذا الإطار، ثمة عدم إكتراث واضح بالإجتماع على المستوى الشعبي، فوعود دي مستورا التي قطعها بعبارته العاطفية: "لن نخذلكم"، وتركيزه على أهمية حضور المرأة في طاولة المحادثات وتصويره للأمر وكأنه إنجاز استثنائي حصل في مضارب الربع الخالي.. لم تجعل الأنظار بالداخل تشخص إلى الحدث الذي أُريد تصديره إلى الرأي العام كخطة سلام أوجدها (المجتمع الدولي) لإنقاذ السوريين مما سُمي كذباً بـ (الحرب الأهلية)!!

 

فالرهان لم يكن يوماً على الخارج، وفي ظل قدرة الجيش العربي السوري وحلفائه على إحراز المزيد من الإنجازات الميدانية، يبقى للمسار الميداني الكلمة الفصل في كل ما يحدث كحل عملي ووحيد قابل للتطبيق على أرض الواقع لكونه يفتح المجال بشكل أوسع أمام المصالحات والتسويات وإنهاء المظاهر المسلحة وإعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق بعد تطهيرها وتأمينها بعناصر الحماية الذاتية.


ومن هذا المنطلق، وبناء على مواقف سابقة للأمم المتحدة تم فيها مهادنة الأنظمة المتحالفة مع الإرهاب انسجاماً مع الأجندة الأميركية.. ليس من المتوقع – شعبياً- حدوث أي اختراق مهم في عملية جنيف. مع ذلك، يبدو أن الأطراف المعنية في العملية السياسية تنظر إلى الاجتماع "كفرصة لا تعوّض".

 

فعلى خلفية التوازنات والتغييرات والتداعيات الناجمة عن (الفوضى الخلاقة) والبحث عن مخارج ملائمة لإعادة التطبيع الأمني والسياسي مع دمشق، لا تريد واشنطن وحلفاؤها الغربيون – والظروف باتت مختلفة تماماً- إفشال مهمة الموفد الدولي الثالث في سورية، والحال، أن لدى هؤلاء مصلحة اليوم في (تلبيس) المنظمة الدولية ثوب (حمامة السلام) باعتبارها المنصّة المناسبة لتسوية الملفات الشائكة بالشرق الأوسط وفي مقدمتها الملف السوري، وإطلاق مسار جنيف3 مع كل ما يكتنفه من غموض وملابسات هو انعكاس لهذا التوجه المدعوم أيضاً – بتفاؤل- من روسيا وإيران.

 

ولا شك أن وفد الجمهورية العربية السورية أكثر المعنيين باستثمار هذه الفرصة لإثبات مدى جدية الدولة في الوصول إلى الحل السياسي المنشود من دون تدخل خارجي، وخصوصاً أن هذه الجدية تتناسب طرداً مع عوامل أخرى تعزز موقفه: كالتقدم الميداني، والحضور الروسي، وارتباك (المعارضات) الخارجية ومحاولاتها تجاوز الاتفاقات الروسية الأميركية (نائب وزير الخارجية الروسي /غينادي غاتيلوف/ كان قد أكد هذه النقطة بالقول: إن بلاده متفقة مع الولايات المتحدة الأميركية حول: "انعدام أي آفاق للمحادثات من دون تمثيل للأكراد السوريين")!!

 

والأكيد أنه بدأ يجني ثمار جنيف3 حتى قبل وصوله إلى سويسرا، (فالمعارضات) المدعومة من الرياض والدوحة وأنقرة تندب حظها وتقف موقفاً لا تُحسد عليه بعد تهديدها من وزير الخارجية الأميركية بفقدان الحلفاء إن لم تذهب إلى المفاوضات، وإن كانت تحاول التغطية على ضعفها بشروط مسبقة مرفوضة دولياً، ومشاغبات تكشف تبعيتها وافتقارها للقرار الوطني المستقل، وتكرّس داعميها الإقليميين كجهات متحالفة مع التنظيمات الإرهابية وخارجة عن القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

 

والأهم أن الغرب متفق مع الوفد الحكومي بشأن رفض إشراك كيانات إرهابية في المفاوضات (وزير الخارجية الألماني /فرانك فالتر شتاينماير/ أشار إلى هذه النقطة)، والأولوية الأساسية للمحادثات حددها دي مستورا بالتركيز على: "وقف إطلاق النار بشكل مستمر ومكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي وإيصال المساعدات الإنسانية".
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=31209