وجهات نظر

جنيف السوري ينعقد الجمعة.. بمن حضر!

محمد بلوط


السفير - الإعلام تايم

جنيف 3، ولستة أشهر، على أن تبدأ الجولة الأولى يوم الجمعة المقبل، لتختم في السادس عشر من شباط المقبل.

جنيف 3 بمن حضر، سواء وافقت مجموعة الرياض أم لم توافق الطاولة جاهزة، والوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا يملك وفدين يكفيان لإطلاق المفاوضات: الأول وفد اللائحة الروسية الذي يبدأ اجتماعات نواته الأساسية في لوزان اليوم، ووفد الحكومة السورية الذي يصل يوم الجمعة المقبل.


ويملك الوسيط الدولي أكثر من رزمة الدعوات التي باتت جاهزة لإرسالها، وخريطة طريق تستند هي أيضاً إلى تفاهم دولي روسي - أميركي، وهو ما عكسته بوضوح تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الرياض، وتسريبات "الائتلافيين"، وهلعهم مما أبلغهم إياه عن أنّ الحوار لن يدور حول حكومة انتقالية، بل حول حكومة موسعة، وانتخابات يشارك فيها الرئيس بشار الأسد.


وحرص دي ميستورا على طمأنتهم إلى أن جنيف 1 سيكون المظلة، لكن الضمانة ألا يتكرر جنيف 2، والخوف من الفشل الذي يجعله يتردد في توجيه الدعوات، هو أن القاعدة، لا المظلة، التي ستكون أساس البحث، هي تماماً خريطة الطريق الروسية، أي الحوكمة كما وردت في إعلان فيينا، والتعديلات الدستورية، والمساعدات الإنسانية، وهي ضمانة مزدوجة لعدم تكرار جنيف 2، فالحكومة السورية وافقت رسمياً عليها، كما تميل اللائحة التي يدعمها الروس، منطقياً، إلى تبني خريطة الطريق، على أن يجري البحث بآلياتها.


وهكذا أعاد الوسيط الدولي دي ميستورا، للمرة الأولى، التذكير بمفاعيل القرار 2254، الذي يمنحه حق وضع اللمسات الأخيرة على قائمة المدعوين إلى جنيف، على أساس التشاركية والوزن السياسي، وهي عبارات لا ترغب مجموعة الرياض بسماعها، إذ لا تزال تتمسك بإقصاء أي طرف لم يحضر مؤتمرها في السعودية، عن المفاوضات.


التذكير جاء على لسانه في المؤتمر الصحافي الأول له منذ تبلور الخطة الروسية للعودة إلى المسار السياسي في الرابع عشر من تشرين الثاني في فيينا، وكان واضحاً أن دي ميستورا الذي يتحدث من منبر الأمم المتحدة في جنيف، يدرك أنه يملك دعماً روسياً وأميركياً واضحاً، وفي لحظة نادرة قد لا تتكرر، ليذهب نحو التلويح المبطن بعقد المؤتمر بمن حضر يوم الجمعة المقبل، وهو تهديد بات ممكناً لاندراجه في سياق التحذيرات التي وجهها جون كيري لمجموعة الرياض، بأنها ستفقد حلفاءها إذا لم تذهب إلى جنيف.


وهكذا جزم دي ميستورا أن الدعوات ستوجه اليوم، بعد تأجيلها 24 ساعة، لإتاحة فرصة أخيرة، لمجموعة الرياض لكي تجتمع وتتدارس العرض قبل أن تحدد موقفها من الذهاب إلى جنيف، وتلبية لطلب الوزير الأميركي جون كيري الذي تمنى تأجيل توجيه الدعوات إلى الوفود 24 أو 48 ساعة.

وكان لافتاً،  أن يكرر دي ميستورا وجود تكليف واضح له من مجلس الأمن عبر القرار 2254، لتأليف وفد "المعارضة".


وخاطب دي ميستورا ما بعد التفاهم الأميركي الروسي المجتمعين في الرياض، من دون أن يسميهم، قائلاً إنه يملك تكليفاً دولياً، لوضع اللمسات الأخيرة على تركيبة الوفد المفاوض مع مراعاة مرجعيات القاهرة وموسكو والرياض.


وباتت بيد دي ميستورا خيارات وأوراق لعقد المؤتمر، في غياب "الائتلافيين"، الذين فقدوا للمرة الأولى منذ عامين، وبعد فشل جنيف 2، ورقتهم الأساسية: حصرية التحدث إلى الحكومة السورية باسم "المعارضة" السورية.


طلائع اللائحة التي تدعمها موسكو بدأت تتدفق على جنيف من دون انتظار استلام الدعوات رسمياً، ويعقد، عصر اليوم، خمسة من قادتها مشاورات تمهيدية مع فريق دي ميستورا في فندق دو لا بيه  لتحديد الصورة النهائية للوفد الذي سيضم 16 اسماً، اقترحتهم الديبلوماسية الروسية.


ومن المتوقع أن يحضر اللقاء "الأمين العام في حزب الإرادة الشعبية قدري جميل، والرئيسان المشتركان لـ مجلس سورية الديموقراطية هيثم مناع وإلهام أحمد، ورئيسة حركة المجتمع التعددي رندة قسيس، ورئيس حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي صالح مسلم".

وتجنب دي ميستورا الرد على تحذيرات تركيا من دعوة الأكراد إلى جنيف، واعتبار ذلك نهاية المؤتمر، وقال إن الأمر يعتمد على تفاعل السوريين أنفسهم.


وقال مسؤول كردي معارض "إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أبلغ وفداً كردياً في موسكو أنه لن ينعقد أي مؤتمر في غيابهم".

ولم يغلق الوسيط الدولي الباب كلياً أمام مجموعة الرياض، إذ أعلن أن وقف إطلاق النار، وهو مطلبهم، سيكون على رأس أجندة جنيف 3.


ورغم أن مطلب المجموعة يهدف قبل كل شيء إلى كسب الوقت، واحتواء مفاعيل التقدم الميداني الروسي، وإبطاء الإنقلاب في ميزان القوى لمصلحة الجيش السوري، وليس التوصل إلى تسوية حقيقية، إلا أن وضع آليات لوقف إطلاق النار ومراقبته وضمان احترامه قبل الإنتهاء من تحديد قائمة المنظمات الإرهابية يجعل من الإعلان عنه، مع العلم بكل تعقيداته، مجرد جزرة لتشجيع مجموعة الرياض على حضور جنيف 3 لا أكثر.


ولكن أكثر ما كان واقعياً في توصيف دي ميستورا لـ جنيف، هو استطالة الجولات أسبوعين أو ثلاثة، والحاجة على الأقل إلى ستة أشهر، قبل الخروج بأية نتائج، وتجنب أي مباحثات مباشرة، قبل أن تنضج الأمور.


لكن دي ميستورا الذي أصبح لديه ما يقوله بعد عامين من انتدابه، يبقى حذراً فالأمور قد تتسارع وقد تتباطأ، وقد يغادر الكثيرون المفاوضات، لكن لا ينبغي أن يحبطنا ذلك.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=30968