وجهات نظر

مؤتمر جنيف بين التفعيل والتأجيل

رفعت البدوي


الوطن السورية - الإعلام تايم

يدور السؤال حول إمكانية انعقاد مؤتمر جنيف 3 بهدف تفعيل القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2254 ووضع الآلية الضامنة للبدء بتنفيذ مضمون القرار الأممي.

يواجه انعقاد المؤتمر عقبات عده منها طلب الخارجية السورية من المبعوث الأممي للأزمة السورية السيد دي ميستورا، بضرورة معرفة أسماء أعضاء وفد "المعارضة" مسبقاً وعدم مشاركة أي من التنظيمات التي تُصنّف تنظيمات إرهابيه.


اختلفت كل من واشنطن ومن خلفها السعودية وتركيا وقطر من جهة مع موسكو ومن خلفها الجمهورية العربية السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية على تصنيف بعض التنظيمات.


وقع الاختلاف على تسمية بعض التنظيمات المسلحة بالإرهابية وإدراجها ضمن لائحة التنظيمات غير المرغوب فيها للمشاركة بمؤتمر جنيف3 المزمع انعقاده في 29 الشهر الحالي، على حين ترى كل من السعودية وقطر وتركيا أن تلك التنظيمات التي شاركت في ترويع المدنيين السوريين وقتلهم، إما بالخطف والقتل، وإما بوساطة قذائف الموت التي تطلق يومياً من مواقع تلك التنظيمات على المدنيين في العاصمة دمشق حاصدة العديد من الأبرياء أو في مجمل المناطق السورية هي تنظيمات يجب أن تكون من ضمن نسيج وفد المعارضة للتفاوض.


إذاً الولايات المتحدة والسعودية وقطر وتركيا، أجمعت على إدراج أسماء تلك التنظيمات الإرهابية لتكون من ضمن الوفد المعارض المشارك في مؤتمر جنيف لتصبح في صلب المعادلة للعملية السياسية، الهادفة إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وتكون الشريك الأساسي بتحديد مستقبل سورية.


في هذه الأثناء الخارجية الروسية، أصدرت موقفاً صارماً بمواجهة واشنطن لتقول إن "المعارضة السورية" اختارت وفق تقديراتها وفداً واسع التمثيل وهذا الأمر يعتبر خروجاً على اتفاق قرار مجلس الأمن رقم 2254


الخارجية الروسية أردفت قائلة "إن مبدأ توزيع أدوار أولية وثانوية على المعارضة السورية أمر مرفوض ويجب تأمين التكافؤ بين الجميع"، ورأت الخارجية الروسية أن وفد المعارضة السورية يجب أن يضم مشاركين في لقاءات موسكو والقاهرة والرياض، كما يجب ترك أمر توجيه الدعوات للمبعوث دي ميستورا.


إذاً أميركا والسعودية وقطر وتركيا تصر على وصف هؤلاء بالمعارضة غير الإرهابية،  في حين أن موسكو وسورية ترفض أي إمكانية للتفاوض مع القتلة والإرهابيين حسب التوصيف الروسي السوري.
واشنطن متفقه مع موسكو على ضرورة انعقاد المؤتمر مهما تكن الظروف لكن الخلاف على تسمية الجهات المشاركة ما زال قائماً.


ثمة اقتراح من ديمستورا، بأن تجرى المحادثات مع الوفد الرسمي ووفد "المعارضة" بشكل منفرد.


ثمة اقتراح آخر أن تتم المحادثات بالوساطة من غير أن يلتقي الوفدان وجها لوجه.


في هذه الأثناء برزت تصريحات للمعارضة السورية مفادها، استبعاد المشاركة بمؤتمر جنيف 3 أو إجراء محادثات سلام ولو كانت غير مباشرة مع الحكومة قبل وقف الضربات الجوية الروسية ورفع الحصار الحكومي للمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة.


وقال نائب رئيس وفد "المعارضة" التفاوضي جورج صبره أنه "من المقرر أن يبحث المجلس الذي يمثله الجهود الدبلوماسية مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري غدا في الرياض".


السؤال في حال انعقد مؤتمر جنيف أم تأجل انعقاده:


هل ما يسمى "المعارضة" التي اجتمعت بالرياض تمتلك حرية القرار والتنفيذ؟


هل يُوجد لدى "المعارضة" التي اجتمعت في الرياض أي برنامج واضح متفق عليه أم إنها تريد تنفيذ أجندة سعودية قطرية تركية أميركية "إسرائيلية"؟


لنفترض أن الاجتماع في جنيف حصل وتم الاتفاق على تنفيذ بنود القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، فما الجهة التي تمتلك القدرة أو المخولة للبدء بتنفيذ بنود القرار الأممي؟


الجواب واضح هو أن وفد الحكومة السورية الرسمي يعتبر مخولا للبدء بآلية التنفيذ من قبل الحكومة السورية لكن الأهم من ذلك هو معرفة هل وفد المعارضة السورية لديه الإمكانية لتنفيذ تلك البنود لقرار الأمم المتحدة؟


لا يبدو أن "للمعارضة" أي إمكانية للتنفيذ، ، لأنها ببساطه لا تستطيع اخذ المبادرة ولا تمتلك القدرة على اتخاذ قرار بهذا الحجم إلا بعد العودة إلى الدول الداعمة لها مثل السعودية وتركيا وقطر وأميركا وأيضاً "إسرائيل".


زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الرياض واجتماعه مع أركان المعارضة السورية وبعض أركان الحكم في السعودية ما هو إلا عملية إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مؤتمر جنيف3 لأن المراد من الدول الداعمة لتلك التنظيمات هو إفشال المؤتمر بكامله وتعطيل القرار الأممي، لأن بنود القرار بحد ذاته أعادت الحق للشعب السوري باختيار رئيسه وتقرير مستقبل سورية وألحق الهزيمة السياسية بكل الدول التي تآمرت على سورية وفي مقدمتها قطر وتركيا والسعودية.


باختصار، فإن من المرجح مشاركة "معارضة الرياض" في مؤتمر جنيف 3 على الرغم من هذا الصخب الإعلامي ورغم الإعلان عن تأجيل انعقاد المؤتمر لأيام لكن من دون مشاركة التنظيمات التي وصفت بأنها إرهابيه والهدف من المشاركه هو تنفيذ أجندة الدول الآنفة الذكر وليس الأجندة الوطنية السورية.


الحكومة السورية بالطبع سترفض طرح أي أجندة خارجية.


الحكومة السورية أثبتت، أنها تتعاطى مع مقررات الأمم المتحدة بجدية بالغه بانتهاج حل سياسي برعاية دولية وبإعلانها مبدأ قبول المشاركة والذهاب إلى جنيف وإبداء الرغبة في تطبيق قرار الأمم المتحدة وتشجيع سلوك درب العملية السياسية.


أما ما يسمى "بالمعارضة" وبسلوكها العدائي فلا يبدو أن لديها نيات بانتهاج أي حل سياسي في سورية بانتظار تبدل المعطيات ومراهنة في الوقت عينه على مجريات المعارك العسكرية على الأرض وخصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التحركات العسكرية التركية على الحدود مع سورية إضافة إلى تصريحات وزير خارجية السعودية الداعمة لعمليه عسكريه تركية في الشمال السوري وإمكانية مشاركة قوات خاصة سعوديه بهذا المجال يثبت سوء النية عند الأطراف المتضررة من القرار الأممي واجتماع جنيف.


بعد كل ما تقدم يبدو أن، مؤتمر جنيف ولو انعقد في موعده المؤجل وبأي صيغة كانت سيبقى من دون نتائج فعاله وملموسة ما لم يتم الالتزام ببنود القرار الأممي 2254 في حين أن الكلمة الفصل لم تزل تكمن بكسر التوازن في الميدان العسكري والأيام القادمة ستثبت ذلك.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=30959