وجهات نظر

“جنيف3”.. ومحاولات تلميع الإرهاب

عماد سالم


الاعلام تايم - البعث


ربما يأسف دي مستورا كثيراً على الجولات المكوكية التي قام فيها بين عواصم دول عربية وإقليمية بهدف إطلاق جنيف3، بعدما أعلن ائتلاف “الدوحة الرياض” أسماء وفده إلى المؤتمر بقيادة متزعم تنظيم إرهابي، قتل وجوّع الآلاف من أبناء سورية خدمة لأجندة صهيووهابية، وفي النهاية اعتبر نفسه ممثلاً وحيداً للمعارضة السورية على طاولة المفاوضات.

 

وهنا يتساءل السوريون: أي مستقبل يرسمه هؤلاء لبلدهم في المستقبل في حال تمّ ذلك، والذي ينحصر وفق نموذجين، إما عصور ما قبل التاريخ، أو وفق الديمقراطية السعودية المعاصرة، والتي شاهدنا أحد إنجازاتها قبل أيام عندما أعدمت 47 معارضاً سعودياً.

 

هذا هو المستقبل الذي يريدونه لنا، ليس فقط القابعون في مضارب بني سعود، بل وأصحاب الياقات في البيت الأبيض، فبالنسبة لهم لم تتضح الرؤية بعد بأن ما يُسمى جيش الإسلام يمارس أعمالاً إرهابية، رغم أنهم يفاخرون بقدرتهم على معرفة وسماع دبيب نملة في أي بقعة من الأرض، فهل لم تصل لهم أنباء قصف المدارس والجامعات والأحياء السكنية في دمشق وضواحيها، والتي راح ضحيتها مئات الأبرياء من النساء والأطفال؟!.. جرائم لم تقف عند حدود استهداف أبناء وطنهم، بل طالت أيضاً السفارات والبعثات الدبلوماسية التي لا تسير في الركب الأمريكي.

 

وعليه فقد كشف “الائتلاف” من الرياض، وعلى رؤوس الأشهاد من يدعمون ويحرّكون التنظيمات الإرهابية في الداخل السوري، وعلى ما يبدو لم يكتفوا حتى الآن بما سفكوه من دماء ودمّروه من بنى، وبالتالي حديثهم عن حلول سياسية يأتي في إطار استراتيجية اللعب على الحبال ليظهروا بمظهر الساعين إلى حقن الدماء ونشر الديمقراطية والحرية، والتي يسيرون في ظلالها، لتحقيق أهداف أبعد ما تكون عن تلك الشعارات.

 

ثلاثة أيام فقط تفصلنا عن الموعد المقرر لانعقاد جنيف3، ولا تزال قواعد المباحثات المتمثلة بإعلان قائمة بأسماء المنظمات الإرهابية، وتوليفة وفد المعارضات، والذي من المفترض أن يمثل كل أطياف المعارضات، غير واضحة، وهي تقع على عاتق الأمم المتحدة ومبعوثها دي مستورا، فهل لم تتضح الرؤية لديهم أيضاً بعد من هم الإرهابيون رغم آلاف الرسائل المحبوسة في أدراج مجلس الأمن،

والتي توثّق عشرات الجرائم التي ارتكبتها التنظيمات التكفيرية وأسماء الجهات التي تقف وراءها ومنها “جيش الإسلام”، أم أنهم ينتظرون أمراً من واشنطن للتحرّك أو الاكتفاء بالقلق الذي عوّدونا عليه خلال السنوات الخمس الماضية؟!.

 

إذاً إن بقيت الأمور تسير على هذا النهج فإنه لا طائل من عقد مؤتمرات في جنيف أو غيرها، بل إنها ستعقّد الأمور أكثر، فهي، في حال حصلت حسب الرؤية الأمريكية، ستكرّس بعض التنظيمات الإرهابية كطرف على طاولة المفاوضات تحت مسمى “معارضة معتدلة”، وربما تكرّ السُبحة وينضم “داعش” إلى جوقة المعارضات المعتدلة، وهذا ما ترفضه سورية قيادةً وشعباً.

 

في ظل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية فإننا لم نلمس بعد تبدّلاً حقيقياً في مواقف الدول المشاركة في الحرب على سورية، وبالتالي ستبقى ساحة الحرب مفتوحة إلى أن يقتنع هؤلاء بضرورة مكافحة الإرهاب، الذي وصلت ارتداداته إلى مناطق بعيدة، فعن أي جنيف يتحدثون؟!.

 

تُدرك القيادة السياسية السورية منذ بداية الأحداث أن المطلوب من كل ما جرى ليس الانتقال بالبلاد نحو مستقبل أفضل، وإنما إسقاطها وإلحاقها بمعسكر الانبطاح العربي، وبالتالي فهي تسير وفق استراتيجية تقوم على أولوية مكافحة الإرهاب، الذي صُدّر إليها من كل جهات الدنيا الأربع، وتوسيع خارطة المصالحات الوطنية، والتي شاهدنا بعضاً من نتائجها الإيجابية قبل يومين في منطقة القدم، تزامناً مع عدم تفويت أي فرصة يمكن أن تخفف من حجم الخسائر البشرية والاقتصادية، وفي هذا الإطار جاءت موافقتها على المشاركة في المؤتمرات التي عُقدت وستُعقد حول إيجاد مخرجات سياسية للأزمة، وفي هذا عين الصواب.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=30806