وجهات نظر

السير في البراري بين الضواري.. السلاح لاينام

نارام سرجون


هناك فرق بين الجد واللعب.. كما أن الواقع على الأرض أصدق أنباء من قرارات مجلس الأمن.

 

في كلمة المندوب السوري في الأمم المتحدة هناك ترحيب سوري لا لبس فيه بالقرار 2254 القاضي بحل الأزمة السورية سلمياً واحترام سيادة الدولة السورية وإرادة وخيارات الشعب السوري دون إملاءات خارجية.. ولكن الكلمة السورية تذكّر الجميع أن معسول الكلام الذي تسكبه الوفود في قاعة مجلس الأمن لايخدعنا مهما كانت درجة حلاوته وعدد ملاعق السكر في شرايين كل كلمة .

 

هناك دول لاتعرف الفرق بين الجد واللعب كما يفهم من كلام الجعفري .. وهي دول دونكيشوتية وفيها وزراء دونكيشوتيون في عقولهم .. فرغم إقرار العالم بالحل السياسي السوري فإن هؤلاء لايزالون يركبون مراجيح الأطفال ويعتقدون وهم يتأرجحون في الهواء أنهم صاروا مؤهلين لركوب العواصف والأعاصير ويهددوننا بها.. وكلنا نعرف أن أشباه الرجال يعتقدون أن النسمات على وجوه الراقصين في الدبكة ورقصة العرضة إنما هي عواصف.. وهم يظنون أن النسمات التي تمر على وجوههم وهم في الأراجيح السياسية هي العواصف.. ويتوهمون أن ركوب أراجيح الأطفال يعطيهم القدرة على الإمساك بأعنة الرياح ولجام العواصف وشكائم الأعاصير وأعناق الأشرعة.. وأن الإبحار في فناجين القهوة المرة يشبه الإبحار في المحيطات.

 

الدولة السورية التي روضت العواصف الكبرى وصفت فهمها للقرار على لسان الدكتور الجعفري بأن "داعش" و"النصرة" والمجموعات الإرهابية المشابهة لاتفاوض معها إطلاقاً إلا بالنار .. لكنها ستقبل بوقف النار فقط مع المسلحين السوريين الذين ينتهي التفاوض معهم بتسليم سلاحهم وعودة الحياة الطبيعية إلى مناطقهم.

 

في ختام الحديث السوري.. لفت الدكتور الجعفري انتباه الحضور إلى أن بعض الوفود رغم أنها وافقت على القرار الذي لايزال وليداً فإنها لم تقدر أن تقاوم طبعها البرّي "مثل الحيوانات البرية" في أن تحاول أن تنقلب على القرار الذي وافقت عليه بالتو ولم تكن قادرة على احترامه حتى للحظات وبدأت في إسداء النصائح التي تتدخل في صلب سيادة الدولة السورية.. لأن الطبع البري الغدّار لهذه الدول هو الغالب على شكلها الحضاري.. وهذا يعني ببساطة أن السوريين لايمكن أن يسترخوا ولا أن يتناولوا قرارات الأمم المتحدة مثل المهدئات والمورفين .. فمن يعيش في براري العالم عليه ألا يأمن للضواري الدولية مهما ابتسمت بدليل أن القرار الذي صدر تعرض للانتهاك وللعق في لحظة ولادته وهو لايزال يتنفس تنفسه الأول ولايزال مربوطاً بمشيمة مجلس الأمن.. وعلى من يسكن في البراري الدولية حيث شريعة الغاب المسماة (الحرية والديمقراطية بأنياب الناتو) عليه ألا ينزل بندقيته عن كتفه ولا أن يتركها على الأرض لتستريح.. ولا أن يترك حجرة النار في البندقية من غير رصاص.. وأن يبقي مسافة حذر بينه وبين الضواري.

 

نعم أهلا وسهلا بالقرارات الدولية المتأخرة .. ولكن "خلي" السلاح صاحي .. في زمن الضواري ..التي تجوب البراري ..

 

الإعلام تايم
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=29582