وجهات نظر

باختصار: كلهم علينا .. لكن سورية

زهير ماجد


مرة أخرى عن الوجع الذي ليس له نهاية أو طبابة .. إنه الاستهتاربالعرب... بمقياس تركيا والعقل العثماني الاستعماري القديم للمنطقة، فإن الأرض العربية مباحة لهم، متى يشاؤون يدخلون العراق، وهم أيضاً في ليبيا طالما إنها أرض عربية، ناهيك عن التدخل في سورية وعن حملات الموت اليومية منهم إليها.

 


والكل يتشاطر اليوم ويتسابق في ضرب (داعش) وعلى الأرض الوطنية السورية، ثم يسقطون حممهم على الجيش السوري ولا يعتذرون .. حتى أجسادنا مباحة لهم، فنحن مجرد أرقام في عرفهم، يقيسون أوطاننا بعدد الكيلومترات، وإنساننا بالإحصاءات الرقمية.

 


لا يريد العثماني أن ينسحب من العراق، يريد تكرار حلم دائم يراوده منذ الأربعمائة سنة التي أمضاها في ربوعنا ذلاً وتعذيباً وقهراً وإليه يرجع تأخر النصر العربي والتفكير العربي والمجتمع العربي.

 


فهو إذن يتقوى علينا، يلهث منذ سنين من أجل الانضمام للوحدة الأوروبية ولا من يسمعه، تدخل الطائرات اليونانية الحربية أجواء تركيا عشرات المرات فينسون أن لهم حدوداً معها، لكنهم يسقطون طائرة روسية لأنها تجاوزت حدودهم بسبع ثوان لسبب واحد، غيظاً من مساعدة سورية وتقديم العون لها وقتال الابن الشرعي لها  (داعش). 

 


جنون التركي بلغ أوجه، هو لم يعتد على صمود عربي كالذي يحققه السوري، في الهواتف النقالة كم أبلغ التركي نظراءه أن أسابيع قليلة ويسقط الأسد، وبعدها سنقدم لكم الجيش العربي السوري جيوشاً، وسنعين حاكماً على سورية شبيها بالأميركي بريمر الذي جاء إلى العراق بحذاء لعبة التنس وبربطة عنق حمراء وبغباء مطلق في معرفة العراق وتاريخه.

 


كانت المفاجأة أن الرئيس السوري صمد وبقي شامخاً، لم يذل كمعمر القذافي ولم يتدل كصدام حسين، أو يهرب كزين العابدين بن علي، أو يرمى في السجون كحسني مبارك، قصة فريدة لم يستوعبها التركي ولا الأميركي ولا الغربي عموماً، بل بعض العرب، كلهم ذهلوا وما زالوا، فماذا لدى هذا الأسد من قوة، ولماذا جيشه مستميت في الدفاع عن بلاده وعن رئيسه وعن دولته ونظامه، بل عن أمته جمعاء، وكلهم يعرفون أن سقوط سورية يعني سقوط أمة بكاملها.

 


يستبيحوننا كلما أرادوا، وكلما فكروا بأمر ما وجدوا مساحة تفكيرهم اعتداء على الأمة، إنهم جمع من لصوص التاريخ الذين سرقوا عيشنا الهانيء مئات السنين، كلما تخلفنا زادوا فرجاً وحلماً وأملاً، لأنهم من كان يوماً وتاريخاً قاعداً على أنفاسنا.

 


ولكي يزيدوا من غلوائهم اخترعو(ا إسرائيل) ووجدوا لها مكانا في قلب الأمة التي كان يسميها أحد المفكرين العرب سيف العالم العربي وترسه.

 


سورية تغير المعادلات وأمل الأمة بها كبير وعظيم .. سورية تدخلنا إلى مشروع جديد لم نقرأه في كتب تاريخنا، أكثر من ثمانين دولة عليها، وهي كجبل قاسيون مملوءة بالحنين إلى ثراها الطيب،  وسورية تصنع تاريخاً، تبدل المفاهيم في الميدان بعدما صار لها أن تغير ماتعارفوا عليه.


يسقط زمنهم ويتداعى، يعلو زمن سورية ويتقدم .. تنهار وجوه سوداء وتتلاطم احلامها، فيظل وجه سورية ورئيسها وشعبها وجيشها وتاريخها الجديد الذي نصرنا جميعاً.

 

الوطن العُمانية - الإعلام تايم

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=29144