حوارات ولقاءات

الكهرباء عصب الحياة بين واقع الحرب والمستقبل


ربى شلهوب - الإعلام تايم

واقع الكهرباء في ظل الحرب على سورية هو واقع يؤرق المواطن السوري الذي يعاني الكثير من تداعيات هذه الحرب، ففي وزارة الكهرباء التي قام فريق الإعلام تايم بزيارة لها حاملاً معه الكثير من التساؤلات كشف واقع ربما كان غائباً عن المواطن، فحين دخولنا إلى مكتب مدير التخطيط والتعاون بوزارة الكهرباء الدكتور بسام درويش لاحظنا وجود الكثير من الملفات على مكتبه الذي كان يعمل كخلية نحل لا تهدأ بحلول ساعة الانصراف من الدوام الرسمي فالعمل يستمر وكل ذلك لتأمين الطاقة الكهربائية للمواطنين قدر المستطاع.

الدكتور درويش كشف لنا واقع الكهرباء وخطط الدولة المستقبلية لقطاع يعد عصب الحياة موضحاً لنا الأمور عن كثب وبالأرقام. 

تدابير الوزارة خلال فترة الشتاء في ظل غلاء مادة المازوت والاعتماد الأكبر على الكهرباء

الدكتور درويش أكد أن اللجوء للاعتماد على الكهرباء لأغراض التدفئة والطهي يتسبب بزيادة الأحمال على الشبكة الكهربائية ، وبالتالي تعرضها للتلف والاحتراق، إضافة لزيادة العجز الكهربائي وبالتالي زيادة ساعات التقنين وعدم استقرار التغذية الكهربائية.

فقد عملت الوزارة على تأهيل وتطوير شبكات النقل والتوزيع لاستيعاب زيادة الطلب الكهربائي بسبب التغيرات العشوائية في الكثافة السكانية الناجمة عن انتقال العديد من العائلات من المناطق الساخنة التي تعرضت للهجمات الإرهابية إلى مناطق آمنة، وتم توسيع استطاعات عدد من محطات التحويل وتركيب مراكز تحويل جديدة لتلبية الطلب على الكهرباء، بالإضافة لتكثيف حملات الضابطة العدلية في شركات توزيع الكهرباء في المحافظات وزيادة عدد عناصرها لمخالفة مرتكبي الاستجرار غير المشروع من خلال تنظيم الضبوط بحقهم وإحالتهم للقضاء.

تداعيات سنوات الحرب على قطاع الكهرباء

بين الدكتور درويش أنه ومنذ بداية الحرب على سورية كان المخطط  استهداف البنى التحتية التي تمس حياة المواطن السوري والتي تؤثر على الاقتصاد الوطني، فقد تزامنت الاعتداءات على المباني الحكومية مع عمليات القتل والترهيب والتهجير والخطف التي مارستها العصابات الإرهابية المسلحة حيث تم استهداف السكك الحديدية وحقول النفط والغاز والمصافي وأنابيب نقل النفط والغاز بالتوازي مع استهداف محطات توليد الكهرباء وشبكات نقل وتوزيع الكهرباء ومحطات ومراكز التحويل الكهربائية.

كما تعرض بعض العاملين في قطاع الكهرباء وقطاع النفط والغاز إلى القتل والخطف والترهيب، وكذلك تعرضت المنشآت الحيوية للاعتداءات الإرهابية خلال ساعات العمل، ونتيجةً لاستهداف منشآت النفط والغاز فقد انخفضت إمدادات الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء من حوالي 35 ألف طن مكافئ نفطي يومياً قبل الحرب إلى نحو 10 آلاف طن مكافئ نفطي يومياً في الوقت الحالي، ولقد انخفضت حالياً واردات الغاز إلى محطات التوليد إلى نحو /6,8/ مليون متر مكعب يومياً في حين كانت الواردات نحو /20/ مليون متر مكعب يومياً قبل الحرب، ونتيجةً لذلك فقد تقلصت الاستطاعة التشغيلية لمحطات التوليد القائمة من حوالي /8000/ ميغاوات إلى نحو /1500-1800/ ميغاوات حالياً، وانخفضت الطاقة الكهربائية المنتجة يومياً من حوالي /130/ مليون كيلووات ساعي إلى حوالي /40/ مليون كيلووات ساعي وسطياً الأمر الذي فرض تطبيق برنامج التقنين الكهربائي على جميع المحافظات.

 مواجهة التحديات بإجراءات إسعافية

وعن خطط الوزارة لمواجهة التحديات الحالية والإجراءات الإسعافية أكد الدكتور درويش أنه تم بذل جهود كبيرة للحفاظ على جاهزية المنظومة الكهربائية واستمرارية عملها من خلال إصلاح الإضرار والاستمرار بتنفيذ مشاريع التوليد والنقل والتوزيع في المنظومة الكهربائية رغم العقوبات الاقتصادية الجائرة، إضافة لتشكيل طاقم بشري للحماية الذاتية لمحطات التوليد والمنشآت الهامة التابعة للوزارة، كما تم إعادة توزيع تواجد العاملين بما يتوافق مع ظروف الأزمة لتأمين الوصول بأقصى سرعة ممكنة إلى أماكن الأعطال الطارئة نتيجة الاعتداءات الإرهابية.

وأضاف درويش أنه تم نقل المواد والقطع التبديلية المتوفرة في المستودعات التابعة للوزارة إلى أماكن أكثر أمناً، وتأمين المواد اللازمة لإعادة تأهيل المنظومة الكهربائية بما في ذلك مرحلة إعادة الإعمار عن طريق إبرام عقود مع الدول الصديقة، وبعض مواد هذه العقود وصلت إلى المستودعات والبعض الآخر قيد التصنيع والتوريد، وبذلك تمكنت الوزارة من توفير كافة مستلزمات ومواد شبكتي النقل والتوزيع للفترة الحالية وقسم كبير من مستلزمات الشبكة لفترة إعادة الإعمار.

التحدي الأكبر الذي يجبر الوزارة بتطبيق برنامج التقنين

يؤكد الدكتور درويش أن التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع الكهرباء اليوم هو نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء ورغم ذلك فان الوزارة مستمرة بتلبية جزء من الطلب على الكهرباء مع اضطرارها إلى تطبيق برامج التقنين نتيجة محدودية الوقود المتاح وصعوبة تأمينه في ظروف الحرب على سورية.

حال الكهرباء في المرحلة المقبلة "ما بعد الحرب"

أوضح الدكتور درويش أن الوزارة وضعت خطة عمل (إستراتيجية) للمرحلة القادمة تتضمن عدة محاور تشمل توسيع قدرات توليد ونقل وتوزيع المنظومة ومشاركة القطاع الخاص في أنشطة توليد وتوزيع الكهرباء ورفع كفاءة ومردود عمل مكونات المنظومة الكهربائية وكذلك تطوير التشريعات والأنظمة بما يتوافق مع أحدث ما هو مطبق في الدول المتقدمة، وتنفيذ مشاريع الطاقات المتجددة .

فقد تم مؤخراً مناقشة بنود الخارطة الاستثمارية لمشاريع توليد الطاقة الكهربائية لغاية عام 2030 والانتهاء من إعداد دراسة مشروع المخطط العام لتوسيع قدرات توليد المنظومة الكهربائية وذلك بهدف تحديد حاجة قطاع الكهرباء من محطات التوليد لتلبية الطلب على الطاقة مع الأخذ بعين الاعتبار مشاريع الطاقات المتجددة (مشاريع المحطات الكهروريحية، اللواقط الكهروضوئية).

 وتبين الخارطة الاستثمارية حاجة القطر لتوسيع قدرات توليد الكهرباء بنحو /13000/ ميغاوات حتى العام 2030 من مشاريع استثمارية جديدة تُضاف إلى الاستطاعات القائمة حالياً وبكلفة مادية تبلغ نحو /11/ مليار دولار، وقد تم إنجاز دراسة توسع قدرات توليد الكهرباء في المنظومة الكهربائية السورية باستخدام برمجيات مستخدمة عالمياً وبالتعاون مع هيئة الطاقة الذرية ووزارات النفط والثروة المعدنية والنقل والموارد المائية، وذلك بهدف تحديد حاجة قطاع الكهرباء لمحطات التوليد المستقبلية لتلبية الطلب على الطاقة الكهربائية وتلبية الطلب على حمل الذروة.

وتقوم الوزارة حالياً بوضع الآلية التنفيذية لهذه الدراسة التي تلحظ بدائل تعويض الوقود اللازم مستقبلاً من محطات الكهرباء العاملة بالطاقات المتجددة كالكهروريحية واللواقط الكهروضوئية إضافةً إلى المحطات التي تعمل على مصادر وقود يمكن استيرادها من الخارج مثل الفحم الحجري، وستلحظ الآلية التنفيذية للخارطة الاستثمارية ابتكار آليات جديدة لتشجيع القطاع الخاص على المساهمة في نشاطات توليد الكهرباء من المصادر التقليدية ومن الطاقات المتجددة وكذلك في المساهمة في نشاطات توزيع الكهرباء من خلال تطبيق أنظمة القراءة الآلية للعدادات وتطوير أنظمة الجباية والفوترة وخدمة المشتركين.

خطط بديلة لتأمين الكهرباء للمنطقة الجنوبية  

بين الدكتور درويش أن الوزراة أحدثت ومنذ بداية الأزمة مركزاً للعمليات يعمل على مدار الساعة لوضع الخطط البديلة وإيجاد الحلول والبدائل وفق حجم الاستهداف وطبيعته وموقع حصوله، على سبيل المثال فإن الاعتداءات الأخيرة على خطوط الغاز الواصلة إلى محطات التوليد في المنطقة الجنوبية كانت تهدف إلى حرمان العاصمة والمنطقة الجنوبية بأكملها من الكهرباء وقد قامت وزارة الكهرباء للتخفيف من آثار هذه الاعتداءات بإعادة توجيه الغاز إلى محطات توليد الكهرباء في المنطقة الوسطى وغيرها وتقوية وتدعيم خطوط نقل الكهرباء الواصلة بين المنطقة الوسطى والجنوبية وكذلك تأمين قطع التبديل اللازمة لمحطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع بخطوات استثنائية.

وأضاف درويش أنه تم توريد محطات تحويل نقالة بهدف إعادة التغذية الكهربائية إلى المناطق المحررة والتي تضررت فيها محطات التحويل بشكلٍ كبير، ومن الجدير بالذكر أن وزارة الكهرباء ورغم الظروف الصعبة التي مرت في السنوات السابقة استطاعت الاستمرار بإنجاز مشاريع محطات التوليد الجديدة التي تتجاوز كلفتها مئات المليارات من الليرات السورية. 

حلب العاصمة الاقتصادية أين تقع ضمن خطط الوزارة؟

أشار الدكتور درويش إلى أن حلب تعرضت للاستهداف الممنهج من خلال الاعتداءات المتكررة على الشبكة الكهربائية وقطع الكهرباء عمداً لفترات طويلة، وكذلك الاعتداء على محطات ضخ المياه بهدف النيل من صمود أهلنا في حلب، ولقد قام العاملون في قطاع الكهرباء ببذل جهود كبيرة وارتقى عدد من الشهداء أثناء قيامهم بإصلاح الشبكة الكهربائية في حلب، كما تم إحداث فرع التوتر العالي للمنطقة الشمالية لمتابعة أعمال الصيانة والإصلاح، وتم ابتداع حلول كثيرة وإنجاز أعمال الإصلاح في مناطق خطرة لإيصال التغذية الكهربائية للمحافظة ونشير إلى أن الجهود التي تم بذلها تعادل جهود الورشات على مستوى القطر فقد كانت الاعتداءات متكررة لدرجة تعرض أحد الخطوط المغذية للمدينة لاعتداء مباشر في نفس اليوم الذي يتم فيه إعادته للخدمة من قبل ورشات الصيانة، كما أن تجار الأزمة وخاصةً منهم تجار الأمبيرات لعبوا دوراً معرقلاً لجهود الوزارة في إعادة التغذية الكهربائية لمدينة حلب.

 وبعد انتصارات جيشنا الباسل يواصل عمال الكهرباء العمل على مدار الساعة لإصلاح الأضرار، وقد تم رفد ورشات الصيانة في حلب بورشات صيانة من المحافظات الأخرى من أجل إنجاز أعمال الإصلاح بالسرعة الممكنة، إضافة إلى تأمين المواد والتجهيزات اللازمة لأعمال الإصلاح، ليتم إعادة التغذية الكهربائية لمحافظة حلب.

خسارات مباشرة وغير مباشرة بمليارات الليرات

أوضح الدكتور درويش أن القيمة التقديرية للأضرار المادية المباشرة التي لحقت بقطاع الكهرباء بلغت نحو /381/ مليار ليرة سورية، كما قُدرت الأضرار غير المباشرة على الاقتصاد الوطني والناجمة عن قطع الكهرباء بسبب العمليات التخريبية بنحو/1700/ مليار ليرة سورية، محسوبةً على أساس قيمة الـ ك.و.س غير المخدم تعادل  50 ل.س/ك.و.س على أساس سعر الصرف 50 ل.س /دولار.

 

 

 

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=43&id=28964