وجهات نظر

باختصار: اقفلوا الحدود

زهير ماجد


حسم وزير الخارجية الروسي لافروف أمر الحرب على سورية حين قال لنظيره التركي “اقفلوا الحدود”. جملة سحرية أطلقها المسؤول الروسي في وجه وزير مأمور لم يتلق الأوامر بعد لكي يجعل من تلك الحرب حالة منسية.

فبدل أن يطالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري بحرب برية في سورية ضد “داعش” ومشتقاته، ليصدر الأوامر إلى التركي بإقفال الحدود، عندها يصبح الإرهاب كله مستسلما بل ومنقرضا. الحدود التركية هي المشكلة، هي المكان الذي يرتوي منه الإرهاب حتى الثمالة، وهي المنبع الذي تتدفق منه كل عوامل الحياة لهذا الإرهاب.
عند الحدود التركية تبدأ قصة التعدي على سوريا، وهنالك، بدأت أولى الصور الموحية بأن ثمة وضعا سينشأ في سورية .. قبل الأزمة بأيام اصطفت خيام عند تلك الحدود دون أن يعرف سببها، كان التركي من يعلم إلى أين ستذهب الأمور عند جارته التي كان بينهما تحالف وثيق في شتى المجالات، بل كان هنالك شهر عسل تمسك به السوريون رغم أنهم يعرفون التاريخ الأسود الذي يعنيه قضم لواء اسكندرون من أرضهم.

وفي تلك الحدود التي عرف فيما بعد أنها ليس مكان الاحتضان للنازحين السوريين الذين سيهربون من سعير حرب مدمرة، بل هي المكان الذي سينتج إرهابا بكل اللغات المعروفة، والممر الذي سيحتاجه هذا الإرهاب في حربه ضد الدولة والنظام في سوريا .. ويكاد يكون المكان الوحيد تقريبا، ما سيظل معطيا عمرا إضافيا لحرب ستطول من خلاله .. إذ كان معروفا أن حدودا أخرى ستغلق ولن تستمر طويلا، سواء مع لبنان أو مع الأردن أو مع العراق، أما معابر الموت التي افتتحتها تركيا عند حدودها فستكون هي المشكلة الدائمة التي ستكون سببا في دمار سورية وفي قتل شعبها وفي كل ما سيفعل ضد الجيش العربي السوري من أجل تمزيقه، ثم تمزيق الجمهورية العربية السورية .. وأعطي لهذه الحدود شهور قليلة لكي تلاقي سقوط الدولة والنظام.

قصة الحرب على سورية عنوانها الحدود التركية لا غير، هي الأصل والفصل، وهي المداد الذي سمح لحرب من هذا النوع أن تطول وتتعاظم وتأكل المدن والأرياف والقرى السورية، وتطحن شعبا خسر فيه استقراره ونعيم حياته .. صحيح أن هنالك وثائق سرية سوف تنشر عن هذه الحرب، لكن قصة الحدود التركية يجب أن تأخذ حيزا أساسيا في ما جرى، وما كان لها من دور رئيسي وما زال فيها.

ليأمر كيري، بدل أن يطالب بحرب برية، بإغلاق الحدود تلك، ونضمن أن تتوقف تلك الحرب بالمقابل، من المؤكد أنه سيتم تجفيف المنابع التي يتغذى الإرهاب المتشكل بكافة التنظيمات .. هذا الشريان لم يعد حبلا سريا، لقد ولد بتفاهم تركي ـ غربي ـ عربي وأعطي حياة قصيرة كان يؤمل أن تعيشها الحرب ليسقط على أثرها دولة ونظام وشعب وجيش وأمل حياة، لكن الذي جرى كان معاكسا لأهواء ذلك التحالف ولأفكاره، وثبت أن الأمنيات وحدها لا تكفي عندما يكون هنالك أبطال في القيادة والجيش والشعب في سوريا، ذلك الثالوث الذي انتصر ونصر معه أمة بكامله. كان المؤمل من سقوط سورية تغيير وجه المنطقة وتبديل شكلها وتعويم آخرين على رأسهم تركيا وإسرائيل ومصر الإخوان المسلمين.

الوطن العمانية

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=28874