تحقيقات وتقارير

ملابس الشتاء أشد قسوة من برودته


حالة هستيرية غير مسبوقة يمكن لأي متابع أن يلاحظها في أسعار الملابس الشتوية التي يربطها مباشرة أصحاب المحال بسعر صرف الدولار الذي يترواح  بين الصعود والهبوط إلا أن أسعار المواد تبقى ثابتة وتتحين الفرصة لارتفاع طفيف في سعر الصرف لإعادة النظر في أسعارها، طبعا لترفعها غير مبالية بظروف المواطن أو حماية المستهلك.
هذا الموسم لايختلف عن غيره من الشتاءات الماضية .. المواطنين غير قادرين على شراء احتياجاتهم لاسيما أصحاب الدخل المحدود.. ما دفعهم إلى التفكير بالبديل والتوجه إلى الألبسة المستعملة " البالة" التي لم تكن هي الأخرى أرحم، فأسعارها غير منطقية، كل ذلك وسط توقعات تحذر من أن الشتاء القادم هو الأشد برودة، فما الذي ينتظر السوريون هذا العام وبينهم الفقير والنازح والمشرد..؟
خلال جولة لـ" الإعلام تايم" على بعض أسواق دمشق، تم رصد الغلاء الجنوني في الأسعار الذي بدا واضحاً على مختلف أنواع الألبسة، حيث بلغ سعر المعطف النسائي من 15000ليرة  وما فوق ، وسعر الكنزات الصوف النسائية ما بين 5000-8000 ليرة، إلى ذلك ارتفع سعر الجزمة ليصل إلى 13000 ليرة ومافوق، أما الألبسة الرجالية فقد زادت أسعارها فبلغ سعر الجاكيت الرجالي ما بين 10000-15000 ليرة حسب جودتها وهناك أنواع أرخص بين 6000-7000 ليرة ولكنها أقل جودة، أما كنزات الصوف الرجالي فهي بين 5000-7000ليرة والبنطال الرجالي بين 6000-8000 ليرة.
ومحلات ألبسة الأطفال لم تكن أرحم حلقت بأسعار مرتفعة جداً مع أنها بضاعة قديمة فلم نعد نرى بضائع حديثة، وتراوح سعر الجاكيت الولادي بين 5000-7000 ليرة وهذا يختلف وفقاً للأعمار، وبلغ سعر كنزة ولادية شتوية صوف 4000ل.س والبنطال الولادي بين 2000-3000ليرة.
 

آراء المواطنين
المواطنون عبروا عن صدمتهم إزاء هذا الارتفاع بالأسعار، فاديا حسن أم لثلاثة أولاد قالت: "لاحظت زيادة غير معقولة على الألبسة الشتوية هذا العام، وبادرت لشراء احتياجات أطفالي لكن هذا الارتفاع دفعني إلى تقليل المشتريات بشكل كبير، ولا أعتقد أن أغلب العائلات السورية سوف تتمكن من شراء احتياجاتها".
أبو محمد موظف، قال: "المحلات تقوم باستغلال البرد ومن ثم رفع الأسعار إلى أعلى درجة قد لا يتوقعها رب الأسرة، وتكون حجة التجار بتقلب سعر الدولار، وترتفع الأسعار ولكن عند انخفاضه تجد الألبسة حافظت على أسعارها"، متسائلاً عن دور "حماية المستهلك" في ضبط هؤلاء التجار.
سلوى درويش طالبة جامعية تقول:  "أرخص معطف شتوي بلغ  ثمنه 15 ألف ليرة، وهذا يعني مصروفي لشهر كامل كوني أعيش في المدينة الجامعية".
 

أصحاب المحلات التجارية غلاءالأسعار خارج عن إرادتنا
برر بعض التجار وأصحاب المحلات، هذا الغلاء الكبير للملابس الشتوية وغيرها من البضائع بأنه خارج عن إرادتهم، ويرجع ذلك إلى عوامل مختلفة من أهمها خروج الكثير من مصانع الألبسة بالمناطق الساخنة عن العمل خاصة في حلب التي كانت مصدراً مهماً لتغذية أسواق دمشق بالملابس، كما أن ارتفاع تكلفة المواد التي تدخل في صناعة هذه الملابس من خيوط وأقمشة، واستيراد بعض أنواع الأقمشة المرتفعة الثمن، بالإضافة إلى غلاء الأيدي العاملة وارتفاع أسعار الدولار الذي انعكس على زيادة أسعار مدخلات الإنتاج والخدمات.
 

البديل مرتفع
وانتشرت محال الملابس المستعملة "البالة" بشكل ملفت في الأسواق حيث تلاقي تلك الملبوسات إقبالاً جيداً لدى شريحة من المواطنين، ويؤكد العديد منهم أنهم لجؤوا لشراء هذه الألبسة معتبرين أن أصحاب المحلات  المحلات للألبسة الجديدة يبيعون من غير ضمير، بالإضافة إلى أن أسعار "البالة" منخفضة عن مثيلاتها.. لكنه بالوقت ذاته تجد في تلك المحال ملبوسات جلدية وأحذية تضاهي بأسعارها تلك "الجديدة" تبعاً لجودتها وماركتها.‏
تقول ردينة ربة منزل وأم لطفلين:" في ظل موجة الغلاء شراء الألبسة المستعملة أرحم وأرخص بالنهاية هي بضاعة أجنبية وتفي بالغرض، ونحن بحاجة إلى ما يقينا من برد الشتاء".
 

حماية المستهلك
مدير "حماية المستهلك " في وزارة التجارة الداخلية باسل طحان قال لموقع "الإعلام تايم" أنه اليوم لدينا بضاعة مستوردة ومنتجة محلياً، وبعض المواد الداخلة بتصنيع المنتج المحلي هي مادة مستوردة، والاختلاف اليومي بسعر صرف الدولار لبعض المواد "كأجور نقل وعمال"  أدت إلى تغير في الأسعار و ارتفاعها، واليوم توجهات وزارة التجارة الداخلية الوقوف على حقيقة التكاليف.
وأضاف طحان أن  وزير التجارة الداخلية وجه القائمين على موضوع الأسعار بالأسواق المستوردة أو المنتجة محلياً والوقوف على التكاليف الحقيقية  لواقع المادة..
وفيما يخص الالبسة تابع طحان  "لدينا ثلاث حلقات لمادة الألبسة هي المنتج أو المستورد أو تاجر الجملة والمفرق وهو ملزم بالإعلان عن السعر بالإضافة لفاتورة من قبل المنتج أو تاجر الجملة عن سعر المبيع ضمن نسب الأرباح المحددة من قبل وزارة التجارة" ، مؤكداً أن الوزارة توجه عن طريق غرف التجارة التقيد بالتعليمات فنحن نعطي التكاليف الحقيقية ولا يوجد أي مبرر لزيادة الأرباح من قبل التجار.
وختم طحان بـ " دور حماية المستهلك والرقابة الموجودة الأسواق مفعل على أرض الواقع، حيث تجاوز عدد الضبوط خلال الفترة الماضية 50 ألف بحق المخالفين، وذلك للتقيد بالأسعار و منع التلاعب بها".
يبقى المواطن السوري في سعي دائم للبحث عن ما يقي جسده برد الشتاء وبأرخص الأسعار -إن وجد- تاركاً لأصحاب الامر أن يجدوا له الحل السريع..  فهو وقع في أمرين أحلاهما مر، إما الجوع والدفء أو سد الرمق والبرد.. !

لمى محمود_ الاعلام تايم


 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=28605