تحقيقات وتقارير

بساتين الليمون والبرتقال.. بين سندان الحرب ومطرقة التجّار


حالة من الإحباط يعيشها المزارعون في سورية في مشهد يتكرر سنوياً بعد موسم من التعب والنفقات وأسعار المبازرة التي تستقر على مبالغ لا تسترجع على الأقل كلفة النفقات من أسمدة وحراثة ورش مبيدات، فالتكاليف اليوم كبيرة رغم كل التسهيلات التي تقول مديريات الزراعة والوحدات الإرشادية الموزعة في الريف الساحلي أنها تقدمها للمزارع.

 

فالموسم الحالي كان جيداً، لكن المزارعين يواجهون صعوبات كبيرة في تصريف إنتاجهم أمام تدني أسعار المحصول في السوق المحلية، أسعار الحمضيات اليوم متدنية جداً، وتشكل خسارة كبيرة للمزارعين مع ارتفاع أسعارها في المناطق البعيدة عن إنتاجها بسبب أجور النقل المرتفعة، وهي حالة لا تعود على المزارع بأي ربح، الأمر الذي يضاعف معاناة الفلاح في الساحل السوري، ليصبح الخاسر الأكبر..

 

فما هي الحلول لتجنيب المزارع المرور بمرحلة ركود ربما يضطر بعدها إلى ترك أرضه.؟؟ خصوصا أن السوق المحلية لم تشهد أية تغيّرات للتخفيف من جشع بعض التجّار الذين يستغلّون توقف عملية التصدير ليشتروا الكميات من المزارعين بأسعار بخسة، فيما تباع السلع نفسها في سوق المفرّق بأسعار مضاعفة.

 

المهندس سهيل حمدان مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة أوضح لموقع الاعلام تايم أن إنتاج سورية من محصول الحمضيات للموسم الزراعي 2014 -2015 يصل إلى 1,3 مليون طن".

إذاً، كيف يتم وضع منتج الحمضيات بعد موسم معطاء كهذا بكلفه العالية على عاتق المزارع؟..  وما هي العوامل التي تتدخل في تقرير مصير منتج اقتصادي يدعم الاقتصاد الوطني وتختص به المناطق الساحلية؟  ..  فمستقبل المحصول وأسعاره تحدده حالة الطلب وأوضاع الطريق، والحمضيات منتج وطني مهدد اليوم بالتراجع لأن معظم المزارعين سيقومون في مرحلة لاحقة بالبحث عن مصدر رزق آخر إذا ما استمرت الأسعار على هذه الوتيرة.

 

ويعتبر تصدير الحمضيات أحد دعامات الاقتصاد الوطني وتنشيط حركة الصادرات، فأسواق العراق بقيت مفتوحة أمام التصدير حتى فترة وجيزة، إلا أن حركة الطريق نحو العراق لتسيير البرادات توقفت مؤخراً بسبب الأوضاع الأمنية، في حين أن التصدير إلى الدول الصديقة كـ "روسيا" يبقى مقيداً في ظل عدم وجود بواخر مبردة، تحتاج إلى عقود تأمين مع شركات أجنبية..

 

وفي محاولة لإيجاد قنوات تسويقية جديدة أكّد حمدان على ضرورة التفكير في إقامة معمل للعصائر في المنطقة الساحلية في ظل الفائض الكبير عن حاجة السوق من الحمضيات، والذي يتجاوز أكثر من نصف الكمية المنتجة سنوياً، أي أكثر من 550 ألف طن، ليتمكن قسم كبير من الفلاحين من تصريف إنتاجهم بأسعار جيدة، كما اشار حمدان إلى أهمية دور مؤسسة الخزن والتسويق في التدخل الإيجابي لإيجاد أسواق جديدة للتصريف.

 

وتعتبر المنطقة الساحلية الزراعية الأكثر استقراراً على المدى البعيد للحمضيات لجهة الإنتاج نظراً لملائمة الظروف الجوية والبيئية والجهود الفنية المبذولة لتطوير هذه الزراعة التي تتركز وبشكل أساسي في المنطقة الساحلية بنسبة 98% (75% اللاذقية و23% طرطوس)، والمساحة الكلية المزروعة بالحمضيات على رقعة المحافظة تبلغ /9340/ هكتارا وعدد أشجار الحمضيات الكلي يبلغ /5ر3/ مليون شجرة، منها /3ر3/ مليون شجرة في طور الإثمار. وتنتج سورية أنواع مختلفة من الحمضيات منها صنف البرتقال أبو صرة وهو يشكل حوالي 21،9 % من إجمالي إنتاج الحمضيات، يليه صنف البرتقال اليافاوي 18،11% ، ثم صنف البرتقال الفالنسيا بنسبة 13،4%، وجميع هذه الأصناف تنتمي إلى مجموعة البرتقال والتي تساهم بحوالي 61،34 % من إجمالي إنتاج الحمضيات في سورية.


في سورية حوالي 60 ألف أسرة تعمل في زراعة الحمضيات يضاف إليهم مئات الآلاف ممن يساعدونهم في عمليات الخدمة المختلفة من قطاف ونقل وتسويق وغيرها، فهل سيأتي الحل من الجهات المعنية لمشاكل الفلاحين العاملين في هذه الزراعة أم سنشهد تراجعاً في الأعوام القادمة سواء في الإنتاج أو الفلاحين الذين سيتركون أراضيهم للبحث عن مصدر آخر للرزق.

نسرين ترك _ الإعلام تايم 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=28374