نافذة على الصحافة

أردوغان والحرب الخاسرة


تذكروا النكتة الشهيرة أحد رؤساء الوزراء ترك ثلاثة ظروف لمن يخلفه مع تنبيه صغير: "إذا تأزمت الأمور فافتح الظروف على التوالي، ففيها إرشادات لك". فجاء يوم تأزمت فيه أحوال الاقتصاد في البلد وراحت الحكومة تترنح، فتح الرئيس الجديد الظرف الأول وقرأ الحل: "اِرمِ التهمة على المعارضة!".

فما أن فعل حتى هدأت الأحوال بعض الشيء، لكن سرعان ما تحول ضغط المعارضة إلى شيء لا يطاق، فاضطر إلى فتح الظرف الثاني، فقرأ الجملة الثانية: "ارم التهمة على القوى الخارجية!".

ففعل فهدأ الجو بعض الشيء، لكن سرعان ما ظهرت فضائح الفساد واحدة تلو الأخرى، ووقع في حالة مستعصية، ففتح الظرف الأخير، فإذا به رسالة قصيرة: "اترك ثلاثة ظروف لمن سيخلفك!".
السيد أردوغان لم يفتح الظرف الثالث بعد، لأنه مصمم على الاستمرار في حرب خسرها أصلاً، لكنه ما زال يقاتل باستماتة، لنفترض أنه نجح في تقطيع "الجماعة" إرباً إرباً، ثم رمى بأشلائها شرقاً وغرباً، ما الذي سيجنيه؟ مستحيل أن يتجاوز تلك العقبة الصعبة بذلك العبء الذي يثقل ظهره.
هناك ملف للفساد يتضمن قضايا في غاية الخطورة، ورئيس الوزراء يتقبل ذلك ولو بصورة غير مباشرة.

إذا صح فعلاً ما نشرته جريدة (جمهوريت) من تصريح له يقول فيه "تلك الأموال ليست أموال الدولة ولا أموال الشعب"، فتلك إذاً كارثة أخرى، لأنها تعني اعترافاً بالجريمة. لا شك أن قضية تورّط فيها مدير عام لبنك حكومي مع بعض أبناء الوزراء سوف يكون لها اتصال مباشر بحقوق الشعب وحقوق الدولة. أضف إلى أن السيد رئيس الوزراء عندما قال لرجال القضاء "أنتم كذلك لستم نظيفين مثل جوهرة، نحن كذلك نعرف عنكم بعض الأمور"، فإن كلامه يتضمن جريمتين: الأولى اعتراف منه بأننا "نعم لسنا نظيفين"، والثانية اعتراف منه بأنه يخفي جرائم البعض ويستخدمها وسيلة ابتزاز وتهديد.
مضى على الأزمة أسبوع واحد فقط. لا ريب أن العدالة والعملية القضائية تعمل ببطء لكنها تعمل بقوة. الحقيقة أن رئيس الوزراء تعرض لهزيمة نكراء في حرب أراد أن ينتصر فيها بالصراخ والتهديد.

ممتاز أرترك أونه

http://www.zaman.com.tr

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=2827