وجهات نظر

"دروع دوما".. ورقة رابحة أم انتهاك فاضح للقانون الدولي

طارق ابراهيم


لم يدر أبو محمد أن حظه العاثر يمكن أن يقوده الى حافة المجهول،  وهو الرجل الطيب البسيط الموظف من الدرجة الخامسة، الذي اضطرته الحاجة والظروف الى أن يعمل سائق تكسي بالاجرة لتأمين قوت عياله.

زبونه الأخير مختلف عن بقية الزبائن، أو بالأحرى هذا ما اكتشفه أبو محمد بعد أن استراح ذاك في المقعد الخلفي للسيارة وطلب منه أن يوصله الى مدينة دوما في الغوطة الشرقية. ولم يترك له فرصة الاعتذار، ليجد نفسه أمام قدره المحتوم في سجن توبة من يسمون أنفسهم "جيش الإسلام" دون أن يدري فعلته أو ذنبه تجاههم.  

لم يكن من السهل على أبي محمد أن يستوعب ما يحدث معه ولا مقدار الالام المبرحة التي تركها "أشاوس جيش الإسلام" على جسده الهزيل،  ليستيقظ أخيراً في أحد الأقفاص التي سرعان ما أدرك أنه شاهدها سابقاً عندما كان يزور حديقة الحيوان في دوما برفقة أطفاله. نعم، إنها الاقفاص التي كانت مخصصة سابقاً للحيوانات المفترسة والتي باتت سجنه وسجن مجموعات  أخرى من الرجال والنساء والأطفال، دون أن يعي السبب.

إنهم "أشاوس زهران علوش" الذين اعتدوا على حيوانات الحديقة وسرقوا أقفاصها ليرهبوا القريب والبعيد، بما في ذلك حاضنتهم الشعبية .. وفي ظل التقدم الكبير للجيش في الغوطة الشرقية جاء الايعاز باستخدام ما تعتبره الوهابية السعودية أوراقاً رابحة بيد علوش .. شاحنات كبيرة تجوب شوارع دوما تحمل أقفاصاً حديدية بداخلها مدنيين وعسكريين مكبلين، أحدهم أبو محمد، لتستقر أخيراً على أسطح المنازل .. 

واشنطن والغرب والسعودية وقعوا في المحظور فـ"معتدلتهم" التي يؤهلونها لاجتماع قادم في العاصمة النمساوية فيينا أصابتهم في مقتل، كيف لا وقد كشفت الارتباط الفكري العميق بين دواعش البغدادي ودواعش علوش.. ثم إنه من الجنون الاعتقاد أن ثمة فوارق بين الطرفين فكلاهما وجهان لعملة واحدة.

فكرة الاقفاص الحديدية شاع استخدامها في مناطق انتشار "خلافة الدواعش" لتنفيذ حكم الاعدام إحراقا أو إغراقا بحق ضحاياهم، ومؤخراً بدأ دواعش الغوطة من اتباع زهران علوش باستخدام الاقفاص للتأثير على سير العمليات العسكرية للجيش، في انتهاك فاضح وعلني لاتفاقيات وبرتوكولات حماية الاسرى، وأهمها القانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف 1929/1949 والبرتوكول الاضافي عام 1977 ومعاهدة روما 1998 التي تجرم الاعتداء على أسرى الحرب من المدنيين والعسكريين.

الدروع البشرية ليست فكرة جديدة إنما هي جزء من الاستراتيجية الصهيوأميركية المتبعة في أغلب الحروب الاسرائيلية والاميركية، فالمنظمات الحقوقية الدولية سجلت أكثر من 1200 انتهاك من هذا النوع لقوات الاحتلال الاسرائيلي  بحق المدنيين الفلسطنيين، كما أن واشنطن استخدمت أطفال العراق دروعاً بشرية لحماية دباباتها - حسب ضابط أميركي خدم في العراق بين عامي 2005-2006 .

من البديهي أن نسأل أولئك الذين يقتلون ويذبحون باسم الاسلام.. ألم يكن من الاولى بالنبي الكريم أن يقتل أسرى "بدر" أو يستخدمهم للتأثير على أعداء انتشار الدعوة الاسلامية في وقت كان المسلمون فيه لا يمتلكون أي قوة عسكرية لمواجهة المشركين؟.. وهل تعلمون أن  صلاح الدين الايوبي قائد "معركة حطين" أطلق سراح أسرى الفرنجة خوفاً من أن يموتوا جوعاً عنده لأنه عجز عن تقديم الطعام لهم.. وهل تدركون ما أنتم فاعلون بأهلكم وذويكم، أم أنكم لا تمتلكون حتى الاعتراض على الأوامر التي تأتيكم من أسيادكم الوهابيين، أعداء الله والإسلام؟

الاعلام تايم
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=27975