نافذة على الصحافة

متى تفهم واشنطن حاجتنا للسلام؟


تحت عنوان "متى تفهم واشنطن حاجتنا للسلام؟"، كتبت صحيفة الوطن العمانية مقالً جاء فيه:
اشتعلت الأجواء في عديد من السماوات العربية بنيران الحروب من الصومال إلى السودان إلى العراق وسوريا ولبنان وغيرها إلى محاولات جديدة لإشعال حرب جديدة مع دول عربية ودول بالمنطقة، وفي كل الأحوال نجد أصابع الولايات المتحدة في الأماكن الحساسة لتحريك الأمور باتجاه الحرب والتشدد في التعامل مع كل رأي يجنح إلى السلام والتفاوض بين الأطراف في قضايا عربية، والميل كل الميل مع مشروع الاحتلال الإسرائيلي ضد القضية الفلسطينية.
خطوط التعامل والتحرك تلك تسير وفقها واشنطن بعد أن حددت حدود الفرق بين العدو والصديق حسب القرب أو البعد من مصالح جماعات الضغط الأميركية وأصحاب المصالح في تجارة السلاح وغيرها، وكذلك اليمينيون الجدد الذين دخلوا كقاسم مشترك بين كل المواقع المؤثرة في سلطة القرار الأميركي والذين لا يزالون يدعون إلى الحروب العسكرية ضد دول عربية كما هو الحال مع سورية، بالإضافة إلى كل ذلك بل والأهم منه هو العلاقة الاستراتيجية مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وتقديم الولاء الكامل لهذه العلاقة وخدمة علم مشروع الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة برمتها.. فمتى يفهم الساسة الأميركيون حاجتنا للسلام في الشرق الأوسط؟
اليوم على صعيد الأزمة السورية، لا تزال مواقف الولايات المتحدة ودورها وكل مواقف وأدوار معسكر التآمر والعدوان الذي تقوده ضد سورية شعبًا وجيشًا وقيادةً، مخالفة لمبادئ الأمن والسلم الدوليين، ومؤججة للإرهاب والعنف والفتن والفوضى بمختلف أنواعها، وبدل أن تكون هي ومعسكرها التآمري جزءًا من حل الأزمة وتخفيف المعاناة عن كاهل الشعب السوري ـ كما تدَّعي ومعسكرها أن تحركها باتجاه ذلك ـ كانت ولا تزال ـ ويبدو أنها ستظل ـ ليست جزءًا من المشكلة، بل كل المشكلة؛ لأنه وفق الحدود التي رسمتها والتي ذكرناها آنفًا هي الموجِّه والمحرِّك، وبالتالي إذا لم تتحقق تلك الحدود وبخاصة تلك المتعلقة بالعلاقة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، فإنه من غير الوارد أن يتغير شيء لصالح الشعب السوري ودولته، فمن الواضح أن الشعب السوري وحقوقه ودولته أصبح مادة خصبة تصاغ بها مشاريع الهيمنة والتفتيت والتدمير في المنطقة. وقس على ذلك في العراق وليبيا والسودان ومصر وغيرها.
أما القضية الفلسطينية، فحدث ولا حرج عنها هي الأخرى، وحين تولى توني بلير رئاسة اللجنة الرباعية لسلام الشرق الأوسط رفضت واشنطن منحه ـ وإن كان هو خادمًا لمشروع الاحتلال الإسرائيلي بالفطرة ـ أي هوامش للعمل على ملف السلام من رؤية غير أميركية حتى لو كانت هذه الرؤية نابعة من أقرب العواصم العالمية لقلب الإدارة الأميركية وهي لندن. وإذا ما أتينا على أدوار وزراء الخارجية الأميركيين فإنها كلها انصبت على خدمة المشروع الإسرائيلي في المنطقة، فلم تكن خطة خريطة الطريق ورؤية حل الدولتين وما رافقهما من مفاوضات ومماحكات إلا ملهاة للجانب الفلسطيني لإعطاء كيان الاحتلال الإسرائيلي المزيد من الوقت لتغيير الوقائع على الأرض، وهو ما تحقق بالفعل على النحو المشاهد الآن، حيث كل أراضي الضفة الغربية تقريبًا أصبحت مستعمرات استيطانية، وقطار التهويد والتدنيس مر على مدينة القدس كلها (القدس الشرقية والقدس الغربية)، وأضحى المسجد الأقصى ليس تحت طائلة التقسيم الزماني والمكاني فحسب، بل تحت طائلة الانهيار المباشر لأساساته. وحين خرج أبناء الشعب الفلسطيني انتصارًا للمسجد الأقصى ودفاعًا عن أنفسهم من جرائم النازية الإسرائيلية كانت الولايات المتحدة تتحرك لإطفاء الأوضاع لعدم خروجها عن دائرة السيطرة واندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، ولم يكن تدخلها وفق ما عرف باتفاق الأقصى الأخير سوى خدعة لاصطياد المدافعين عن حرمات المسجد الأقصى والمصلين المسلمين، بل إن الولايات المتحدة أعلنتها صراحة على لسان وزيري خارجيتها ودفاعها جون كيري وآشتون كارتر “حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها” في قمع هبة الشعب الفلسطيني الحالية للدفاع عن المقدسات الإسلامية ولمواجهة جرائم الحرب النازية الإسرائيلية.
ولذلك، فإن ما تفعله الولايات المتحدة ممثلة في الإدارات السابقة والحالية لا يصب في طريق حماية مصالح الشعب الأميركي ككل، بل في مصالح حفنة من تجار الحروب والمشحونين بالضغائن والأحقاد داخل أميركا وخارجها، وهو في النهاية سلوك أو سياسة لا تجر إلا إلى مزيد من الحروب والدمار التي لن يسلم منها أحد.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=27941