وجهات نظر

حسابات المتغيّرات القادمة

رغداء مارديني


كتبت رغداء مارديني مقالاً في صحيفة تشرينه جاء فيه:

يفترض تسارع الأحداث فيما تواجهه سورية من حربٍ كونية عليها، وما تقدّمه دول المؤامرة من دعم للإرهاب على أراضيها تحت مسميّات مختلفة، أن ما تقوم به روسيا, عسكرياً, في سورية بناءً على طلب من الدولة السورية وبالتنسيق معها من حيث دعم الجيش العربي السوري في مكافحته للإرهاب كان يجب على كلّ دول العالم القيام به، والعمل من أجله، ومناقشته منذ وقت طويل، أي منذ أن أكدت الدولة السورية أن ما يحصل على أرضها هو إرهاب، سينعكس مرتدّاً على داعميه ومموليه وحتى منشئيه ليهدد أمن العالم أجمع.

 

وليس بجديدٍ القول: إن هذا الإرهاب هو صنيعة الولايات المتحدة الأمريكية الأبرز، خدمةً لأمن ربيبتها "إسرائيل" وتفوّقها على دول المنطقة مجتمعةً… وها هي الولايات المتحدة اليوم، وهي على أبواب الانتخابات الرئاسية، تعلن صراحةً عن الخندق الواحد الذي يجمعها مع الصهيونية العالمية، من خلال دعم "إسرائيل" وتزويدها بمختلف المساعدات الاستخباراتية والعسكرية، في الوقت الذي تنظر فيه إلى ما يجري في سورية بقلق وارتباك، ولاسيما بعد أن فشل مشروعها التقسيمي الذي رعته مع حلفائها من دول الغرب وأدواتها المرتهنين لمشيئتها في المنطقة، خدمةً للهدف الإسرائيلي نفسه.. وتالياً، صار لزاماً عليها أن تكثّف دعمها ومساعدتها أضعافاً، فلغة الأرقام تؤكد أن حجم المساعدات التي قدمتها أمريكا "لإسرائيل" منذ عام 1962 إلى اليوم بلغ أكثر من مئة مليار دولار.

أما في السنة الحالية، وحسب صحيفة "هآرتس" أول من أمس، فقد وصلت المساعدات الأمنية الأمريكية "لإسرائيل" إلى 3.1 مليارات دولار، مع تأكيد مصادر مطلعة، حسب الصحيفة ذاتها، أنه مع تجديد إنفاق المساعدات للسنوات القادمة، ستطرأ زيادة ملحوظة على ميزانية المساعدات تقدر بمليار دولار، لتصل هذه المساعدات السنوية إلى أربعة مليارات دولار، تضاف إلى ميزانية الإرهاب الإسرائيلي.. في الوقت الذي تستنزف فيه ميزانيات دول التآمر العربية كالسعودية وقطر وغيرهما في الحرب الإرهابية على سورية..الخ خدمةً للمشروع التقسيمي الأمريكي ـ الإسرائيلي المرسوم للمنطقة القاضي بتجزئتها وتمزيقها مع إفقار الدول التي موّلت المجموعات الإرهابية ودعمتها بكلّ صنوف الدعم, المتاح وغير المتاح، وهاهي نشرات البنك الدولي اليوم تطالعنا بأن دول الخليج والسعودية، ستعاني كثيراً من فقدان مخزونها ورصيدها خلال السنوات القادمة، يثبت ذلك "تغّولها" الأحمق على سورية واليمن، وليبيا في ظلّ الانخراط الأعمى في المشروع الصهيو ـ أمريكي المعدّ للمنطقة بأكملها.. ما يترك عشرات علامات الاستفهام والتساؤل.. لِمَ يفعلون كلّ ذلك؟.

 

وفي الوقت نفسه، ما معنى أن تأتي هذه المساعدات "لإسرائيل" مضاعفةً في هذا التوقيت، في ظلّ زيارات عسكرية رفيعة المستوى بينهما لبحث المساعدات العسكرية الأمريكية "لإسرائيل" في ضوء الواقع الجيو-سياسي الجديد في المنطقة، وبخاصة سورية، حسب الصحيفة ذاتها؟!


وما الأبعاد والأهداف المخطّطة والمستقبلية التي تعقد عليها الولايات المتحدة الأمريكية الآمال، في تقوية ومساندة "إسرائيل" حتى الثمالة؟.

 

يبدو أن قراءة ذلك لا تحتاج مهارةً كبيرة بمقدار ما تحتاج وعياً بما يجري بين حليفتي الشرّ في العالم "أمريكا وإسرائيل"، والوعود الدائمة من المرشحين الأمريكيين بدعم "إسرائيل" وضمان أمنها الذي هو مسار استراتيجي للولايات المتحدة، ولا يتعلق بمرشح, أو رئيس فقط.. الخ، بل هو استراتيجية المصلحة العليا لدول الاستعمار والاستكبار في العالم، يندرج تحتها ما تقدمه لأعوانها في المنطقة، وما تستنزفه أيضاً من مخزون الأدوات لحساب مخزونها وأهدافها، ومصالحها الاقتصادية، والسياسية، في المنطقة ذاتها.

 

إذاً الواقع القادم في المنطقة، يحدّد في منظور اللاعب الأمريكي- الإسرائيلي بمدى القوة التي ظهرت عليها الدولة السورية بتماسك ثالوثها: الجيش والشعب والقائد، مسنودةً بحلفائها الاستراتيجيين روسيا وإيران والمقاومة اللبنانية، وبما سيقدم هذا كله في ميدان المعركة وفي المسار السياسي للحل.. ومن هنا، كان على أمريكا أن تعيد الحسابات، وبنوك الأهداف، وتوسيع مظلة الدعم وزيادة المساعدات للحليف الإسرائيلي في الشرق الأوسط.. وتالياً، النظر فيما أخفقت فيه أهدافها الاستعمارية، وبخاصة بعدما تركت للإرهاب عنان التمدّد، لا… بل إنها دعمته دعماً لا محدوداً، في الوقت الذي تدّعي فيه، نفاقاً وتضليلاً, "مكافحته".. وبما يحدّد المسارات المستقبلية القائمة على المتغيرات الميدانية، التي على أمريكا و"إسرائيل" معاً أن تحسبا لها حساباً دقيقاً.. فلميدان المعركة الكلمة الفصل بالتأكيد في رسم ملامح الواقع السياسي الجديد للمنطقة.!

 

الإعلام تايم
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=27439