وجهات نظر

عمى CIA يصطدم بالجدران السورية

الدكتور فؤاد شربجي



كتب د. فؤاد شربجي مقالاً في صحيفة تشرين جاء فيه:

 

يفتح الكونغرس الأميركي تحقيقاً حول تقصير المخابرات المركزية الأميركية في معرفة التحرّك الروسي لمساعدة سورية،  حيث فوجئت الإدارة الأميركية - كما تدّعي - بالتحرّك الروسي، وفوجئ الكونغرس، وفوجئ أتباع أميركا في أوروبا والخليج وتركيا، ولأكثر من أسبوع ونحن نسمع من الإعلاميين المقرّبين من الإدارة الأميركية أن الكل "من أوباما وجر..." مازال في حالة الدهشة، واستيعاب صدمة التحرّك الروسي القوي لدعم أعمال الجيش العربي السوري.

 

وتحقيق الكونغرس حول تقصير المخابرات المركزية يتضمن مبدئياً اتهاماً لهذا الجهاز الذي جرى تعظيمه ونفخه، بأنه مقصّر ولم ينتبه ولم يعرف بما تعدّه روسيا وبما قامت به، وبالعكس فإن الإعلام المعبّر عن هذا الجهاز - الإعلام الأميركي وتوابعه العربية - كان يدّعي أن "بوتين بدأ يغيّر موقفه تجاه الرئاسة السورية"، وأنه يقترب أكثر من تبنّي فكرة "التغيير في سورية" على الطريقة الأميركية، وكان الدعم الروسي الفعّال صاعقة هزّت دوائر السياسة الغربية وتوابعها العربية، وأكثر ما هزّت الإعلام والمخابرات المركزية الأميركية.

 

هذا يؤكّد أن الإدارة الأميركية لا تعرف حقيقة ما يجري في سورية، وإذا كانت "عيونها" المخابراتية عمياء تجاه تحرّك مثل التحرّك الروسي، فكيف لهذه العيون أن تعرف حقيقة الشعب السوري، وحقيقة بنيته الوطنية، وحقيقة إرادته في التمسّك بهويته وأرضه واستقلاله وسيادته.

 

بالفعل، إن الغرب لا يعرف محرّكات الشعب السوري، ولا يعي ما يقبله وما لا يقبله، لذلك فإن هذا الغرب مازال يسلك دروباً مظلمة وهو يتعاطى مع الشعب السوري، لذلك يصطدم بالجدار.

 

إذا كانت المخابرات الأميركية لم تستطع أن تعرف معنى الاتصالات السورية - الروسية، وإذا كانت هذه العيون الأميركية لم تر ما يحضّره السوريون والإيرانيون والمقاومة، إذا كانت هذه الدوائر المخابراتية لم تنتبه لكل ذلك، وهو كبير وساطع، فهل سترى الآن، أن الشعب السوري وقيادته وبمساعدة حلفائه، يخطو على طريق الانتصار لقهر الإرهاب وهزيمته؟! وهل سيفهم دارسو المخابرات الأميركية أنه لابد من التعاون مع سورية لضرب الإرهاب وتحقيق الاستقرار والأمن في سورية والمنطقة والعالم؟ هل ستفهم المخابرات الأميركية كل ذلك؟ أم ستبقى تدفع الإدارة الأميركية وتوابعها في طرق معتمة مسدودة؟.

 

إن فشل المخابرات الأميركية في استقراء التحضيرات السورية - الروسية، رغم أن القيادة السورية ومنذ أن اجتاحت تركيا وقطر، عبر إرهابييهما، إدلب وسيطرت عليها، بدأت سلسلة تحرّكات، قام من خلالها مسؤولون سوريون، بوضع الحلفاء بحقيقة الوضع، وخطورة ما تخطّط له تركيا وقطر والخليج، وما بدؤوا بتنفيذه.. ونتيجة الاتصالات السورية - الإيرانية - الروسية، تقرّر تصعيد التعاون بينهم، وشنّ الحرب الحاسمة على الإرهابيين المنفذين للعدوان التركي والخليجي والغربي.



وأعلن الرئيس الأسد في يوم الشهداء أن "سورية ستستعيد كل ذرة تراب سورية سيطر عليها الإرهابيون"، وبدأت روسيا تعدّ عدّتها وأجرت مناورات (المركز 2015) التي حاكت حرباً على الإرهاب، تشبه ما يجري في سورية، وقامت سورية بإعادة هيكلة وتنظيم الكثير من وحداتها العسكرية، كذلك بدأت المقاومة بالاستعداد... كل ذلك ولم تستطع المخابرات المركزية الأميركية أن تنتبه لما يجري.

 

وهذه حال أي مخابرات تلاحق أوهاماً تصطنعها، أو تغرق بالاهتمام بصغائر تلهيها عن حقيقة ما يجري، والحق مع الكونغرس أن يحقّق بما تقوم به المخابرات الأميركية، لأنها فشلت في قضية تدريب "المعتدلين" حيث إن معظم من درّبتهم انتقلوا بأسلحتهم إلى "النصرة" الإرهابية، كما فشلت في فحص ادعاءات قطر أن الدولة السورية ستسقط في أسبوع، كما أخفقت في فهم قوة الجيش العربي السوري، وسقطت في تقدير معنى توجهات الشعب السوري، والفشل الأكبر والعريق للمخابرات الأميركية أن استراتيجيتها في استخدام الإرهاب وتوجيهه للاستثمار بوساطته في تغيير الأنظمة، كانت كارثة على المصالح الأميركية وعلى الاستقرار في العالم كله.

 

مركز الإعلام الإلكتروني 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=26960