وجهات نظر

الجيش السوري عنصر رئيسي في مكافحة الإرهاب


كتبت مارلين خليفة في صحيفة السفير اللبنانية مقالاً بعنوان " الجيش السوري عنصر رئيسي في مكافحة الإرهاب" جاء فيه:


إنها عملية "إعادة التوازن" إلى النظام العالمي المختل بأحادية أميركية أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من الرقة وأرياف إدلب وحمص وحماة، بعنوان عريض هو: "محاربة الإرهاب".


وتتصف عملية "إعادة التوازن" بتنسيق عميق بين دول الشرق الأوسط بدأت بوادرها في العراق وهي موجودة مع لبنان وتلقى دعماً مصرياً واضحاً وبشراكة مع إيران التي تعتبرها موسكو "حليفاً استراتيجيّاً" سواء في الحرب أو في أي حل سياسي عتيد، فضلاً عن دعم صيني بعيد من الأضواء الإعلامية المنصبة فقط على "السوخوي" الروسية.


في هذا الإطار يقول ديبلوماسي روسي رفيع لـ "السفير": "ربما تكون إيران أقرب دول المنطقة إلى روسيا، وأي خلاف معها غير وارد، وإذا حصل تقدم في التسوية السياسية سيكون مطلبنا الأول هو مشاركة إيران في اجتماعات جنيف3 ".


بعد قرابة الأسبوع على بدء الضربات الروسية الجوية في سورية، لا يخفي الروس أهدافهم الآنية وفي طليعتها: منع دخول الإرهابيين الى العاصمة دمشق والاستيلاء على السلطة.


أما لبنان فيتأثر حتماً بهذه الضربات الروسية التي تصب برأي الروس في مصلحته المباشرة، كان ثمة خطر مباشر من دخول الإرهابيين من حمص الى الأراضي اللبنانية والاصطدام بالجيش اللبناني، لكن الضربات الجوية استبعدت هذا الخطر نهائياً، وفي ذلك فائدة مباشرة للبنان.


لا يخفي المناخ الديبلوماسي الروسي، أن للضربات الجوية أيضاً إيجابيتها على "حزب الله" لأنها تخفف من خسائره البشرية في معاركه السورية، مع استنتاج أن كل من يريد استقرار سورية ولبنان عليه أن يبارك الضربات الروسية.


تحمل ديبلوماسية الرئيس بوتين في سورية شعار "العصا والجزرة" في آن، وبالرغم من التباين العميق حيال الملف السوري مع السعودية، إلا أن الحوار قائم معها والمناخ إيجابي في ملفات عدة باستثناء الملف السوري، لكن الوضع مع الحكم الجديد ممتاز والعلاقات إلى تحسن، بحسب ما يقول محدثنا الروسي.

 

أما الامتعاض الأوروبي الممتد من باريس الى ألمانيا فلندن، فيصدر عن "اعتبارات تكتيكية" تصب في الاستهلاك المحلي ولا يعيره الروس أية أهمية استراتيجية التسوية مع الرئيس الأسد.


إلى جانب دك معاقل من يسميهم الروس "إرهابيين"، ينصب اهتمام موسكو على ضرورة الانتقال السريع نحو التسوية السياسية وإرساء حوار بين النظام السوري ممثلاً بالرئيس بشار الأسد وبين المعارضة الوطنية "غير المسلحة"، بغية التوصل إلى قواسم مشتركة ظهرت بوادرها في حوارات بين الطرفين استضافتها موسكو سابقاً.


أما الخط الثاني الذي تعمل عليه ديبلوماسية بوتين السورية، فهو الأمم المتحدة عبر مبادرة الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا التي تدفع موسكو في اتجاه تحقيق اقتراحاتها.


ولدى السؤال بأن "الائتلاف الوطني السوري" يعارض هذه المبادرة يضحك المحدثون الروس معتبرين أن الخطأ الأول للغرب هو جعل هذا الائتلاف ممثلاً وحيداً للشعب السوري، وطالما دعت روسيا إلى توسيعه.


أما الأمر الثالث الذي يعمل عليه الروس فهو متابعة الحوار الدولي، حول كيفية مكافحة الإرهاب عبر منبر الأمم المتحدة ومن خلال مجلس الأمن الدولي الذي ترأسته روسيا في أيلول الفائت في حين انتقلت رئاسته هذا الشهر إلى إسبانيا.


ولتحقيق هذه الأهداف ثمة ثوابت أكيدة: تشبث روسي بوحدة الأراضي السورية بحدودها كلها وهذه النقطة يجاهر بها السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين أمام جميع من يسأّلونه عنها.


ويقول تعليقاً على اتهامات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن الرئيس الأسد، يريد أن يؤسس لسورية صغرى تمتد من دمشق إلى اللاذقية: "إن الأولوية الروسية هي الحفاظ على سورية كما هي، ونحن ننبه من محاولات بعض الأطراف لتفكيك الكيان السوري وتحويله الى كانتونات طائفية، فنحن ضد استخدام الورقة الطائفية بالمطلق".


أما الثوابت الأخرى فهي عدم التدخل في شؤون "إسرائيل"، وهو ما طمأن إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زائره بنيامين نتنياهو الذي كان جل همه أن يعرف إن كانت ستشكل جبهة سورية مفتوحة ضد "إسرائيل"، فتمت طمأنته بأن لا أحد في هذا الوارد، وأن الأمر محصور في محاربة الإرهاب فحسب وليس من جهة تزمع إنشاء جبهة ضد بلده، علماً أن المناخ الروسي لا يحمل هذه الزيارة الأهمية التي أغدقها عليها الإعلام العربي.


لكن المحدثين الروس لا يخبرون إن كان بوتين قال لنتنياهو ما يظهره الروس في مجالسهم الخاصة، وهو أن الجيش النظامي السوري سيكون عنصراً أساسياً في مكافحة الإرهاب. فالروس لا يؤمنون بوجود معارضة معتدلة في سورية وخصوصاً أنها تحمل السلاح وهم يصنفونها إما في خانة "المستوى المتوحّش" أو "معارضة تقوم بمسرحيات هوليوودية"، لذا يعلنون أنّ التعامل الروسي محصور بالجيش النظامي السوري فحسب.


ويقول محدثنا الديبلوماسي الروسي رفيع المستوى إن هذا الجيش سيكون العنصر الأساسي في مكافحة الإرهاب، فقد اعترف الغرب بخطأ تدمير الجيوش النّظاميّة في العراق وفي ليبيا، لذا عاد واعترف بأهمية أن يبقى الجيش متماسكاً في سورية، وهذا الجيش يحظى بكل الدعم الروسي.


هواجس من "التقلب الأميركي"
بالرغم من الاتفاق الروسي الأميركي على مكافحة الإرهاب وعلى ضرورة التسوية السياسية في سورية تبعاً لبيان "جنيف 1"  تبقى عقدة بقاء الرئيس بشار الأسد أو رحيله هي التي تمنع الاتفاق النهائي.


لا يقدم الروس تفاصيل حيال النقاش الذي دار في اللقاء الأخير بين الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك أوباما، لكنهم يصفون الحديث بالصريح وبالمواقف الواضحة، مشيرين إلى عدم وجود خلاف على عملية الانتقال السياسي ولا على بيان جنيف (1) لكن الترجمة لا تزال مختلفة، ويدور النقاش حول دور الرئيس السوري المستقبلي، وفي حين يتجنب الروس الخوض في هذه النقطة يصر الأميركيون على ملاحقتهم بها.


أما الروس فيفضلون الحديث عن إيجابيات الإرادة الأميركية لحل سلمي، لكن السلوك الأميركي المتقلب ـ كما يصفونه ـ لا يساعد لغاية اليوم على تحقيق ذلك بما فيه التسوية السياسية، وهذا ما يخلق هواجس شتى لدى الروسي بالرغم من رفضه التعليق على التصريحات الأميركية بأنه سيغرق في المستنقع السوري، وهو هنا يكتفي بالتعليق: إنه كلام فارغ من المعنى، علماً أن الروس يعترفون أنه من الناحية العسكرية ثمة تنسيق بين الطرفين وقد حصلت اتصالات تنسيقية بين العسكريين الأميركيين والروس أثناء الضربات الجوية في سورية وأن أية مشاكل مستبعدة في هذا المضمار.

 

السفير- مركز الإعلام الإلكتروني

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=26794