نافذة على الصحافة

مبادرة بوتين قيد التنفيذ... متى يلتحق المتخلّفون؟


نشرت صحيفة البناء اللبنانية مقالاً لـ معن حميّة جاء فيه:

يُدرك اللاعبون الدوليون أنّ الإرهاب الذي بلغ ذُروة القتل والإجرام في سورية والعراق، إنما يشكل تهديداً لكلّ المجتمعات الإنسانية، وأنّ غريزة الإرهاب المتوحشة، سرعان ما تخرج على إرادة المنشأ الذي يوظّف الإرهاب في خدمة مشاريعه.

رغم ذلك، واصلت واشنطن وحلفاؤها الاستثمار في الإرهاب، واضعة هدفاً استراتيجياً هو إسقاط الدولة السورية، على اعتبار أنّ سقوط سورية، هو سقوط للمنطقة، ولقوى المقاومة التي تشكل تهديداً للأمن الصهيوني.


صمود الدولة السورية رئيساً وقيادة وجيشاً وشعباً شكّل صدمة للدول الراعية للإرهاب، وأدركت واشنطن وبعض حلفائها فشل رهاناتها على سقوط الدولة السورية، كما أنّ هذه الدول اكتشفت أنها لا تستطيع التحكّم بغريزة الإرهاب.

بعد مرور عام على تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، لم يحقق هذا التحالف أيّ بند من البنود التي نص عليها القرار الدولي 2170، لا بل إنّ التنظيمات الإرهابية استطاعت أن تتمدّد أكثر في الجغرافيا السورية، وظلت كلّ خطوط الدعم مفتوحة لهذه التنظيمات، خصوصاً الدعم المالي الخليجي وتأمين طريق عبور الإرهابيين عبر تركيا، وهذا دليل على أنّ التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن غير جدّي، وهو يشكل التفافاً على القرارات الدولية التي تدعو إلى مكافحة الإرهاب بوصفه يشكل تهديداً للمجتمعات قاطبة.

السياسة الروسية الهادئة والعقلانية أدركت منذ بداية الأحداث في سورية، أنّ ما يحصل ليس حراكاً داخلياً له مطالب معينة، بل هو يندرج في سياق مخطط يرمي إلى إسقاط الدولة برمّتها، لذلك، كان الموقف الروسي حاسماً في مجلس الأمن الدولي من خلال ممارسة حق النقض "الفيتو" ضدّ أيّ قرار يستهدف إسقاط الدولة السورية، على غرار ليبيا وغيرها، لأنّ سقوط سورية يعني تأبيد الأحادية القطبية الأميركية، وقطع الطريق أمام روسيا الاتحادية العائدة بقوة إلى المسرح الدولي لرسم توازنات دولية جديدة.

لم يفهم الأميركيون جيداً أنّ روسيا مصمّمة على استعادة موقعها في رسم المعادلات الدولية والإقليمية، وأنّ تشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب بمعزل عن روسيا وسورية، إنما هو إمعان في السياسة الأحادية، ولم يفهم الأميركيون أنّ توقيع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 ، إنما جاء في سياق تكريس واقع جديد على الساحة الدولية.

اكتملت الصورة لدى الروس، وتشكلت عندهم قناعة ثابتة بعدم جدوى التحالف الأميركي ضدّ الإرهاب، وبأنّ هذا التحالف يندرج في سياق محاولات أميركية تحتكر تنفيذ القرارات الدولية استنسابياً.

لذلك طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبادرة لمكافحة الإرهاب، داعياً دول العالم إلى أن تكون جزءاً من تحالف دولي حقيقي وجدّي لمكافحة الإرهاب، تحت سقف مجلس الأمن الدولي وعلى قاعدة احترام سيادة الدول، وأن تكون الدول التي تتعرّض للإرهاب أساسية في هذا التحالف.

مع أولى الضربات الجوية الجدّية التي نفذتها الـ"سوخوي" الروسية والـ"ميغ" السورية على مواقع الإرهابيين في عدد من المناطق السورية، تولّد لدى الولايات المتحدة شعور بدونية القوة والفاعلية، وظهر هذا الشعور في تصريحات ومواقف المسؤولين الأميركيّين المرتبكة وغير الواضحة، وهو شعور لازم لاعبين كباراً كثراً، وربما يؤدّي هذا المسار إلى الانخراط في ما كان دعا إليه الرئيس بوتين، أيّ الاشتراك في تحالف دولي جدّي لمكافحة الإرهاب.

وعليه، فإنّ وقوف روسيا إلى جانب سورية في مواجهة الإرهاب، أمر غاية في الأهمية، خصوصاً أنّ روسيا لم تخرج عن الإطار القانوني والأخلاقي لهذه المشاركة، فهو بناء على قرار الدولة السورية الحاسم بمواجهة الإرهاب. وهو قرار عبّر عنه الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد بقوله: "الجهود السورية الروسية الإيرانية العراقية يجب أن يُكتب لها النجاح في مكافحة الإرهاب، وإلا فنحن أمام تدمير منطقة بأكملها".

الولايات المتحدة و"إسرائيل" وتركيا ودول غربية وإقليمية وعربية أخرى، كلها شاركت في دعم الإرهاب والحرب ضدّ سورية، في سياق مخطط التفتيت والتقسيم والتدمير بما يهدّد فرص وحدة بلادنا وشعبنا. والمطلوب إسقاط هذا المخطط بكلّ الوسائل المتاحة.

مركز الاعلام الالكتروني 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=26721