وجهات نظر

ماذا سيقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأمم المتحدة؟

لور الخوري


كتب لور الخوري في صحيفة "الأخبار" مقالاً بعنوان " ماذا سيقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأمم المتحدة؟" جاء فيه:


سؤال يطرح بكثرة في الصحافة الروسية والعالمية بالتزامن مع انعقاد الدورةِ السبعين للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدّة في نيويورك، ليس فقط لأن بوتين سيكون من أبرز المتحدّثين في هذه الدورة، التي تجمع رؤساء العالم، وإنما أيضاً لأنها المرة الأولى التي يتحدّث فيها في الجمعية العامة منذ عشر سنوات.
لا يأتي ترقب العدو والصديق لكلمة بوتين من سراب، بل لأن الرئيس الروسي لطالما أثار الجدل في مواقفه، والتي لم يكن آخرها في مؤتمر ميونخ للأمن عام 2007، وهو تاريخ يتوقف عنده معظم المحلّلين
يومها، رفع بوتين سقف خطابه لدرجة جعلت المختصين في العلاقات الدولية يتساءلون عن نواياه الدفينة وعمّا إذا كان يعلن الحرب الباردة ضمناً، إذ انتقد تفرّد الولايات المتحدّة في قيادة العالم، وقال إنّها "تخطّت كلّ الحدود في كلّ المجالات، الاقتصادية، السياسية، والإنسانية، وفرضت نفسها على الدول الأخرى"، كما أشار بوتين حينها إلى فشل الولايات المتحدّة في دورها الذي تدّعيه لأنّ الحروب الإقليمية والمحلية زادت حدّةً، والموتُ يتصاعد في العالم.


لا نرى أي تعقل في الاستخدام المفرط للقوّة، وذكر فشل الولايات المتحدة في إدارة الصراعات في العالم، إذ إنها تنقلت بين صراعٍ وآخر، من دون أن تجد حتى حلّاً واحداً لأيّ صراعٍ منها
بعد نحو الثماني سنوات، ثبتت إلى حد كبير مقولة بوتين بفشل الولايات المتحدّة في التفرد في إدارة الصراعات في العالم، والدليل هو استمرارية الحروب التي تدخلت لإيقافها، لا بل إن حروباً جديدة تفجرت وتفاقمت أبرزها الأزمة السورية التي يصارع فيها الجيش السوري التنظيمات الإرهابية منذ خمس سنوات، فقد فشلت الولايات المتحدة بقيادتها للتحالف الدولي ضدّ تنظيم "داعش" في العراق وسورية في تحصيل أي نتيجة على الصعيد العسكري، لا بل انقلبت من موقع القوّة في طرح شروطها في سوريا، إلى تقبّلٍ غير مباشرٍ للطرح الروسي في حلّ الأزمة.


وهذا ما عبّر عنه الرئيس الروسي في المقابلة التلفزيونية التي أجرتها معه قناة "سي بي أس" الأميركية، إذ أكدّ في ما يخص الأزمة السورية أن هناك جيشاً شرعياً عادياً وحيداً، وهو جيش الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يواجه المعارضة، وفق تأويلات بعض شركائنا الدوليين، ولكن في الحقيقة وعلى أرض الواقع هو يواجه التنظيمات الإرهابية، منتقداً دور الولايات المتحدة الأميركية في دعم الجناح الحربي للقوات المعارضة الذي لا يستجيب، بحسب رأيي لمبادئ القانون الدولي المعاصر ولمبادئ منظمة الأمم المتحدة، مؤكداً أن روسيا تدعم الهيئات الحكومية الشرعية حصراً
بوتين الذي رفض الخوض في تفاصيل ما سيتطرّق إليه في خطابه المرتقب، راسماً الخطوط العريضة لكلمة لن توفّر هيئة الأمم المتحدة أيضاً ودورها، تؤكد تحليلات المراقبين أن ما سيقوله لا شكّ سيكون النسخة المطوّرة عن خطابه في ميونخ عام 2007، كما يصفه المدير العام لمركز المعلومات السياسية في روسيا ألكسي موخين، في حديث لموقع "روسيا دايركت"، إذ قد يضيف بوتين، إلى رفضه للتفرّد الأميركي في إدارة العالم، استراتيجيّة روسيّة في حل الأزمات التي فشلت الولايات المتحدّة في حلها.


كذلك، يتفق المحلّلون على أن بوتين لن يهمل الحديث عن العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا على أثر الأزمة الأوكرانية، وفي الوقت عينه، قد يلقي الضوء على دور المنظمات الإقليمية مثل منظمّة "بريكس" ومنظمة شنغهاي للتعاون في إطار تطوّر أهميتها على حساب المنظمات الدولية المعنيّة في المجال الاقتصادي، وقد يشير أيضاً إلى أسعار النفط المتدهورة بسبب إغراق منظمة "أوبك" السوق، ولكن يبقى الموضوع الأبرز هو ما سيطرحه عن علاقة بلاده بالولايات المتحدّة، وهو ما يفترض أن يتضّح خلال اللقاء المرتقب بين بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما غداً على هامش الجمعية العامة.
سبعون عاماً مرّت على تأسيس الأمم المتحدّة بعد نهاية الحرب العالميّة الثانية، لم تعرف العلاقات الدوليّة خلالها استقراراً تامّاً.
الآن، وبعد كل هذه السنوات، قد يكون العالم فعلاً أمام فصل جديد من تاريخ العلاقات بين الدول يمثّل بدايةً لنهاية الأحاديّة القطبية المستمرّة منذ نهاية الحرب الباردة أمر يدركه قادة القوى الكبرى، ولكن ربّما ينتظرون سماعه من الرئيس الروسي في نيويورك.

 

الأخبار- مركز الإعلام الإلكتروني

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=26492