كتب ناصر قنديل مقالاً في صحيفة البناء اللبنانية تحت عنوان "الصراخ الأميركي الروسي عن سورية... والإنجازات في الكونغرس وأوروبا وأوكرانيا واليمن" جاء فيه. قال الكاتب: "يبدو أن التجاذب الروسي الأميركي الذي بلغت حدّته حرارة عالية خلال يومين، ورتب إجراءات تصاعدية متسارعة تذكّر بأزمة الصواريخ الروسية في كوبا التي عُرفت بأزمة خليج الخنازير مطلع الستينات، وكادت أن تؤدّي إلى حرب عالمية، سيطر على المشهد الدولي، حتى طغت المتابعات الإعلامية والديبلوماسية والاستخبارية المتصلة بهذا التجاذب على أيّ ملف آخر، بما في ذلك الملف الساخن والمتفجر للمهاجرين السوريين إلى أوروبا, ويبدو أنّ هذا الملف سيتواصل صعوداً وسخونة حتى مطلع تشرين الثاني موعد الانتخابات النيابية التركية التي ستفتتح مع تراجع حزب الرئيس التركي رجب أردوغان، وتكريس عجزه عن قيادة تركيا بحكومة جديدة، مشهداً جديداً في الشرق الأوسط يفرض على سائر الملفات التراجع لحساب التأقلم معه، فيصير الوجود الروسي موضع قبول علني أميركي على قاعدة الحاجة إلى تكامل الجهود في الحرب على الإرهاب.
وأضاف.. حتى ذلك التاريخ تسير بالتوازي مجموعة ملفات متفجرة وساخنة نحو البرود ليحتلّ التجاذب الروسي الأميركي حول الوجود والدور العسكري في سورية الواجهة، ويقدّم الغطاء لإنجازات يحتاجها الفريقان, فعلى المقلب الأميركي تمكّن فريق الرئيس باراك أوباما في ظلال هذا التجاذب من تأمين تصويت عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ إلى جانب التفاهم النووي مع إيران، متجاوزين العدد الذي كان يحتاجه الرئيس أوباما لممارسة القدرة على تمرير التفاهم في ظلّ معارضة غالبية الكونغرس له. ولا تخفي وسائل الإعلام الأميركية المتابعة أنّ التجاذب مع روسيا خلق مناخاً من المسؤولية القومية لبلد يشبه ما هو فيه حال حرب تبرّر للنواب أن يتضامنوا مع رئيسهم منعاً لتحويل مواقفهم الاعتراضية إلى توهين لمتانة الموقف الداخلي لبلدهم، مستعيدين إلى الذاكرة كيفية تصرف النواب الديمقراطيين مع تفويض الذهاب إلى الحرب على العراق في ظلّ الإدارة الجمهورية للرئيس جورج دبليو بوش.
ويتابع.. "أوروبياً حدث التحوّل الأهمّ في الموقف من الأزمة السورية مع صدور الموقف البريطاني الجديد، الذي يستحيل أن ينطق به وزير خارجية بريطانيا، من دون تفاهم مسبق مع واشنطن، فالقبول بحلّ سياسي للأزمة السورية ضمن مرحلة انتقالية كان مضمون تفاهم جنيف الذي صدر عن روسيا وأميركا، وبقي الانقسام حول بند محدّد هو هل يكون الرئيس السوري والدستور السوري عنواني هذه المرحلة الانتقالية حتى يتمّ أي تغيير وفقاً للآليات الدستورية والديمقراطية، أم يتواصل الضغط العسكري والديبلوماسي حتى ترضخ موسكو لقبول صدور قرار في مجلس الأمن ينزع السيادة السورية ويعيّن مجلساً انتقالياً للحكم ويعلّق العمل بالدستور، أو تنجح الضغوط بفرض التنحّي على الرئيس السوري وتخليه عن مسؤولياته الدستورية. وعندما يعلن وزير خارجية بريطانيا بلغته المتلعثمة تغييراً بحجم أنّ بقاء الرئيس السوري من مقتضيات نجاح المرحلة الانتقالية، فهو يعلن بلسان أميركا أيضاً اتفاقاً وتفاهماً طال انتظاره مع روسيا يحسم الجدال حول تفسير مفهوم المرحلة الانتقالية، بالتالي حسماً لجدول أعمال جنيف الثالث الذي سيصير سهلاً أن يتمّ تحت عنوان توحيد الجهود في قلب المؤسسات الدستورية السورية لضمان نجاح الجهود في الحرب على الإرهاب." مركز الاعلام الالكتروني |
||||||||
|