وجهات نظر

استدارة واشنطن… ابتزاز بالإرهاب… ولكن إلى أين…!؟

عبد السلام حجاب


كتب "عبد السلام  حجاب" مقال في جريدة الوطن تحت عنوان "استدارة واشنطن… ابتزاز بالإرهاب… ولكن إلى أين…!؟ " جاء فيه ....

لم يعد هناك من يشك خارج دائرة الأغبياء والمراهقين في السياسة، بأنه ليس جبن المواقف وغياب الإرادة السياسية، هما ما يمنع الغرب الاستعماري من مواجهة الإرهاب وقد أصبح جزءاً منه وينفخ في ناره، بل إنه انخراط مبرمج ضمن إستراتيجية واشنطن وما تفرضه من شروط في البناء على مواصلة الإرهاب تحت سقف الحرب الباردة، والتلطي وراء ادعاءات الوزير الأمريكي "كيري" مزدوجة المعايير في أعقاب محادثات في موسكو بعد انقطاع، بأن الاستدارة السياسية الأمريكية بحاجة إلى وقت بسبب حمولتها وبطء حركتها، ليتكشف تباعاً أنها استدارة لتنظيم حركة الإرهاب ومساراته وسبل الاستثمار في مسمياته المتعددة وأجنداتها التي بدأت ملامحها بالظهور منذ الغزو الأنكلو أمريكي للعراق عام 2003 واتضحت طبيعة أهدافها من خلال الربيع الدامي بتداعياته وشعاراته المخادعة وما أخفته من نار ودمار وأطماع وعبث جيوسياسي يستهدف المنطقة عامة وسورية ومحور المقاومة على وجه الخصوص لخدمة المصالح الأمريكية الصهيونية الإستراتيجية، وقد أفصحت"كونداليزارايس" بوقاحة تجاهلت الشرعية الدولية بإعلانها من بيروت صيف عام 2006 عن «ولادة عسيرة لشرق أوسط جديد» والعين الأمريكية على سورية ومحور المقاومة!

وعليه، فإن المراقب بات يقرأ في استدارة واشنطن السياسية الدعائية وما آلت إليه من ابتزاز بواسطة الإرهاب، عكست جوانب مهمة منه تصريحات صدرت عن مسؤولين في البيت الأبيض والبنتاغون، بأنها تعبير عن سياسة تستهدف سورية وحقوقها السيادية الوطنية، ولن يكون مفاجئاً أن يجد المبعوث الأميركي لشؤون سورية مايكل راتني أثناء محادثاته في موسكو مع بوغدانوف الممثل الشخصي للرئيس الروسي بوتين مساحة ابتزاز لتدوير زوايا الفشل والارتباك السياسي الأميركي الناجم عن عدة أسباب من بينها:
1- تقدم سياسي ودبلوماسي لموسكو وطهران باتجاه المسار السياسي لحل الأزمة في سورية على أساس الثوابت الوطنية السورية ومن دون أي تدخل خارجي بدليل وفود المعارضات التي تقصد موسكو.
2- إن محاربة الإرهاب في سورية مسؤولية وطنية وأولوية للسوريين في المسار السياسي لحل الأزمة. وسوى ذلك محاولة ملغومة لإطالة عمر الأزمة والمراهنة على مخططات وأجندات أميركية لن تحصد غير مزيد من الفشل والإحباط.
3- تزايد الدعم السياسي لاقتراح الرئيس بوتين الذي شدد في مؤتمر صحفي مع الرئيس المصري السيسي في موسكو على الأهمية المبدئية لتشكيل جبهة واسعة لمحاربة الإرهاب بمشاركة اللاعبين الدوليين الأساسيين ودول المنطقة بما فيها سورية.
4- واقع اللعبة الأمريكية في سباق الانتخابات الرئاسية حيث يفرض اللامنطق معطياته الدعائية والبراغماتية بين المتنافسين في حين يبقى الثابت الذي لا تبدله استدارة انتهازية هو أمن الكيان الإسرائيلي والمحافظة على وظيفته ودوره ضد سورية والمنطقة، وفي مواصلة فرض الهيمنة الأمريكية لمواجهة الارتباك الذي أصابها بعد التغير لمصلحة التعددية القطبية على حساب القطبية الأحادية بدليل الاتفاق النووي مع إيران.

واقعياً، من غير المرجح أن تخرج واشنطن من ثوبها السياسي المرقع وإن تعددت الثقوب فيه، فأصبح يكشف عورات كثيرة من الارتباك السياسي باتت الأطراف في حلفها بمن فيهم الإرهابيون الذين أنتجتهم دوائرها الاستخبارية على الصعيدين السياسي والميداني العسكري، ينفذون ويتناسلون على ضفاف تلك العورات ومن بين ثقوب الارتباك ما دفع المتحدث باسم البنتاغون "بيتركوك" إلى الشرح والتوضيح للعثماني السفاح "أردوغان" بأن عنوان المفاوضات لا منطقة عازلة ولا خطر جوياً داخل وفوق الأراضي السورية، كما وجد هولاند القابع في قصر الإليزيه الفرنسي بشعبية متدنية غير مسبوقة فرصة للاصطياد على هوامش الارتباك الأميركي والسمسرة على رصيد لا يمتلكه، ولا يسمح الشعب الفرنسي بالعبث بتاريخه العريق، وليس بعيداً أن تصب في حضن أوباما ما يحمله حاكم بني سعود من خوف وقلق جراء العدوان على الشعب اليمني الذي أصبح عاراً بعد أن كان توريطاً أميركياً إسرائيلياً ثم تحول إلى نار تحت الرماد بين الأصلاء والفروع في المملكة الوهابية.

واستنتاجاً يمكن القول إن استدارة واشنطن السياسية لم تعد موضع تساؤل بعد أن أصبحت واقعاً لمسار ملغوم تكشفت وقائعه عبر إنتاج الإرهاب شكلاً ومضموناً وتأمين رعاة وداعمين له، وتغطية دوره التدميري سياسياً وإعلامياً ولوجستياً باعتباره الأداة لتحقيق الأهداف الأمريكية الإسرائيلية، وإلا فلماذا تعمل واشنطن على احتكار ما تدعيه محاربة الإرهاب وتصنيف أشكاله بين معتدل ومتطرف، وكلا الطرفين يعمل بإيديولوجية القتل والتدمير ولماذا لا تسمح واشنطن بتنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمحاربة الإرهاب في سورية والعراق،"ثم لماذا تمارس ضغوطاً لتقويض أي جهد سياسي لا يتوافق مع مصالحها وأجندتها، ويسعى إلى تعزيز المسار السياسي للخروج بحل للأزمة في سورية يلبي إرادة السوريين بقيادة سورية، وهو ما يقود منهجياً لطرح سؤال إلى أين وفي أي اتجاه..!؟"

إنه لا جدال بأن الإستراتيجية الأمريكية تنفذها سياسات مخادعة لا تبدلها اجتهادات خارج السياق. ولذلك لم تخرج في أي مرحلة من مراحلها التنفيذية عن خططها بتصنيع الإرهاب وتنويع أشكال أدائه ضد سورية لتحقيق إستراتيجيتها في التقسيم وزعزعة أمن واستقرار المنطقة على حساب الشعب العربي في سورية وتطلعاته الوطنية والقومية وخياراته السياسية التي أكدها على امتداد أربع سنوات ونيف وهو ما يعني وضع المنطقة برمتها أمام الخيارات الصعبة التي ربما تطيح واقع الحرب الباردة لتنقله إلى واقع يتجاوز بتداعياته حدود المصطلحات.

وبطبيعة الحال، فإن سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد لن تكون إلا في الموقع الذي اختاره السوريون، إرادة خير وسلام ومثل قوة واقتدار. وهو ما يؤكده السوريون جيشاً وشعباً في التصدي لحرب الإرهاب وأجنداتها وفي مطاردة الإرهابيين على الجغرافيا السورية واثقين من نصر بات قريباً.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=25405