وجهات نظر

بهدوء | التراجع السعودي «الغبي»... طلقة في الفراغ

ناهض حتر


تحت عنوان " بهدوء  التراجع السعودي «الغبي»... طلقة في الفراغ" كتب ناهض حتر في جريدة (الأخبار):

فاجأ وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، مضيفيه الروس بالعودة إلى المربع الأول من البحث في الأزمة السورية، فأعلن أنه لا مكان للرئيس الأسد في الحل.

تصريح يأتي خارج السياق، فلا حل في سورية من دون حوار مع حكومة موجودة قوية ملتفة حول الأسد، ولا يوجد بديل رئاسي باعتراف الأميركيين.

وفي الواقع إن قضية رئاسة الأسد أصبحت وراء ظهر جميع الأطراف، أكثر ما هو مطروح للتفاوض تقصير الفترة الرئاسية، وإجراء انتخابات مبكرة.
خلال شهر تموز المنصرم، حدثت اختراقات جدية على مسار الحل، فجأة، جاءت تصريحات الجبير، المضادة، فأغضبت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حتى خرج عن المألوف، ألقى بقلمه على الطاولة، وتمتم غاضباً بالروسية. هل قال حقاً: "أيها الغبي"؟

3 عوامل قد تكون مجتمعة أو منفردة، وراء تصريحات الجبير العدائية التي أزعجت الروس، ووتّرت أجواء اللقاء بين الجبير ولافروف:

العامل الأول يتعلق بالخلافات داخل العائلة المالكة، فمن المعروف أن مهندس الاختراقات في العلاقات السعودية ــ الروسية هو ولي ولي العهد، وزير الدفاع، محمد بن سلمان، ومن الواضح أنه اندفع في الترتيبات والوعود خارج الاجتماع السعودي.
وبن سلمان يتحرك نحو وراثة المُلك، وهو يجمع الأوراق المحلية والإقليمية والدولية، لكي يحل ملكاً محل أبيه، بينما يعترضه ولي العهد محمد بن نايف، وآخرون، ما ألهب نقاشاً حول تعهدات بن سلمان، جرى تجميدها بإعلان الجبير التراجع في ما يخص حل الملف السوري بالتعاون مع الرئيس الأسد.

العامل الثاني يتعلق بتركيا التي لم تتحرك قيد أنملة باتجاه التفاهم على الحل السوري، ما جعل السعوديين يعتقدون أنهم تقدموا أكثر مما يجب، وأنه، من خلال التفاهم مع الأتراك يمكنهم تحصيل ما هو أفضل.

العامل الثالث يتعلق بالمكاسب العسكرية السعودية في اليمن.

لكن الحقائق التي دفعت السعودية نحو تحسين علاقاتها مع موسكو، لا تزال قائمة وحاكمة، ولا يمكن لعاقل أن يتصور أنه يمكن تجزئتها، فهي، عند الروس، وموضوعياً، تشكّل سلة واحدة:

أولاً، المصلحة المشتركة في ضبط أسعار النفط، ومواجهة تحدي شركات النفط المستخرج من الصخر الزيتي، وهذه تحتاج إلى تعاون روسي ــ سعودي مكثف، لا يمكن أن يكون خارج التفاهمات السياسية، وذلك لارتباطه بمناقشات ومقاومة ضغوط أميركية، وإعادة ترتيب العلاقة النفطية مع إيران... الخ.

ثانياً، هناك فارق نوعي بين الوضعين التركي والسعودي في ما يتصل بسورية،  لا تمسّ الحرب السورية نظام آل سعود مباشرة، إلا من زاوية التهديد الذي يمثله "داعش"، ما يجعل الاقتراح الروسي بالتفاهم والتحالف مع سورية ضد "داعش" هو الاقتراح الأنسب للسعوديين، بينما تواجه تركيا التحدي الكردي المتعدد الأوجه، وهي تعاني من مشاكل خارجية وداخلية، أمنية وسياسية، تمنعها من الانخراط في حل،وهذه نقطة ضعف تركية، في مواجهة نقطة قوة سعودية.

ثالثاً، الانجازات العسكرية السعودية في اليمن لا تعدو أن تكون مزيداً من التورّط. لن يتم الحسم السياسي بالقوة، وستتواصل حرب استنزاف هي ميدان أنصار الله الأفضل عسكرياً.
الورطة السعودية في اليمن تتعمق، ومن دون حل سياسي سوف تستهلكُ اليمن قدرات السعودية العسكرية والمالية.

لا غنى للرياض وموسكو عن بناء علاقات ثنائية وثيقة في المرحلة المقبلة.
فبإضافة إلى ملف أسعار النفط، وتحدي نفط الصخر الزيتي، هناك ملفات أساسية، منها حاجة السعودية إلى السلاح الروسي، والتعاون في بناء مفاعلات نووية، وتأمين مظلة حماية نحو "التمدد الإيراني"، والتوصل إلى حل في اليمن.

وبالنسبة إلى الروس، فإضافة إلى أن هذه الملفات التي تعكس، أيضاً، مصالحهم الخاصة، هناك ملف الإرهاب.
تريد موسكو، من خلال علاقاتها بالسعودية، تأمين أراضيها من المنظمات الإرهابية التي تحركها السعودية، لكن وقف الحرب على سورية، وتصفية المنظمات الإرهابية في هذا البلد، هما قضية أمن قومي للروس أيضاً، إضافة إلى العلاقات التحالفية مع سورية، والاستثمارات النفطية، وميناء طرطوس الخ.

في الخلاصة، لا يمكن للعلاقات السعودية ــ الروسية أن تتطور من دون حل الملف السوري، ولا حل لهذا الملف، موضوعياً، إلا تحت سقف القيادة السورية، ما يجعل تصريحات الجبير طلقة في الفراغ.

مركز الإعلام الالكتروني

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=24825