وجهات نظر

لدخول "الفوعة" السورية.. غرفة عمليات بإشراف استخباراتي سعودي

حسين مرتضى


كتب الإعلامي حسين مرتضى لموقع العهد الإخباري مقالاً تحت عنوان" غرفة عمليات بإشراف استخباراتي سعودي والهدف دخول الفوعة" جاء فيه:

انتهت المفاوضات النووية الايرانية مع الدول 5 +1، بنصر دبلوماسي كبير يحمل معه قوة سياسية ومعنوية كبيرة لمحور المقاومة بشكل عام، بل واعتُبر مصدر قلق للعديد من الدول، كان من بينها كيان العدو الصهيوني والمملكة السعودية، التي اتسم موقفها  بالتوجس الصريح في بداية الإعلان عن الاتفاق، ثم تحوّل الخطاب الرسمي السعودي إلى القبول المشروط.

هذا التناغم في الموقف بين السعودي والامريكي، استدعى تحركاً سريعاً من قبل المخابرات السعودية والامريكية، لضرب هذا الانجاز، عبر عدة نقاط جغرافية، يعتبرها السعودي نقاط "مقتل" للإيراني الذي ما زال يشعر بنشوة النصر، فأعطيت الأوامر لتصعيد كبير في الحرب على اليمن، تمثل باستخدام قوة نارية هائلة، أدت لارتقاء عدد كبير من الشهداء المدنيين في مختلف المدن اليمنية، وغياب الحديث عن أفق الحل السياسي في اليمن، في محاولة من السعودية لتحويل هذا الملف إلى دوامة مستمرة تؤرق دوائر صنع القرار في ايران.

لكن الملف الآخر الذي وضع على طاولة مدير المخابرات السعودية خالد الحميدان، كان ملف مدينتي الفوعة وكفريا في ريف مدينة إدلب السورية، حيث تتحدث المعلومات عن أن الفريق يوسف بن علي الإدريسي، الرئيس السابق للمخابرات السعودية، التقى مجموعة من الضباط الامريكيين في مدرسة الملك عبد الله للأمن الخاص بمدينة الطائف، وناقش مع خالد الحميدان ما يمكن أن يفعله حلفاء السعودية في سورية، كضربة تكون بمثابة سحب ملف الانتصار الإيراني بالملف النووي من التداول الشعبي والرسمي، وإعادة خلط الاوراق في هذا البلد من جديد، عبر إدخال الجيش العربي السوري في معارك جديدة، بهدف رئيسي يتمثل بعودة المخابرات السعودية كلاعب رئيسي في الحرب المفروضة على سورية.

وتشير المعلومات إلى أن اجتماع الحميدان والادريسي، لم يمض عليه وقت طويل في الطائف حتى التحق به 4 ضباط سعوديين قادمين من مدينتي الخبر وجدة، بالإضافة الى 3 ضباط امريكيين، ليستمر الاجتماع بعد ذلك لمدة 4 ساعات، ويخلص الى إبلاغ غرفة عمليات ما يسمى بـ"جيش الفتح" باجتماع عاجل في مدينة انطاكيا التركية، وإيفاد ضباط سعوديين وامريكيين للاجتماع بهم وإبلاغهم بالتعليمات الجديدة.

وتضيف المعلومات أن الدعوة وصلت إلى قادة ما يسمى "جيش الفتح" و"جبهة النصرة"، في إدلب، ليتوجه بعد ذلك مباشرةً كل من أبو يوسف المهاجر ممثلاً لما يسمى حركة "أحرار الشام"، وأسامة الحوراني وأحمد قره علي والقاضي عبد الله المحيسني عن "جبهة النصرة"، كما استدعي لاحقاً إلى الاجتماع المتحدث الرسمي باسم ما يسمى المجلس العسكري لحركة "أحرار الشام الاسلامية" حسام أبو بكر، ومسؤول العلاقات العامة في "فيلق الشام" أحمد الأحمد.

وتلفت المعلومات إلى أن الاجتماع عقد بحضور تركي لافت بعد وصول جميع الاطراف، ليطرح كل طرف وجهة نظره في البداية حول إتاحة الفرصة من جديد لصعود "جبهة النصرة"، حيث ظهر توجه لدى الأتراك والسعوديين نحو العودة عن تحجيم دور غرفة العمليات في انطاكيا، والتي كانت تتيح لبقية الأجهزة والدول العمل في الداخل السوري، وانتخاب الفصائل التي يمكن تمويلها، واستخدامها في العمليات العسكرية ضد الجيش العربي السوري، لكن من دون تنسيق واسع خلال العمليات، ودون مركزية في القرار.

هذا الطرح السعودي رأى مصدر خاص أن الهدف منه هو محاولة استغلال سيطرة شبه كاملة لـ"جبهة النصرة" على العمل العسكري ضد الدولة السورية في الشمال، وإعادة استقطاب المهاجرين الأجانب، من أجل بناء ما أسموه محوراً اسلامياً عسكرياً، بالإضافة إلى استغلال جميع فصائل ما يسمى بـ"الجيش الحر"، في حالة استرضاء للتركي عبر قبول تمويل جماعة "جند الشام"، والتي تضم مقاتلين شيشانيين، بالإضافة إلى المجموعات الأخرى مثل "فيلق الشام" و"أجناد الشام" و"جند الاقصى" و"أنصار الإسلام".

ووفقاً للمصدر، فإن الاميركيين طلبوا من الأتراك إعادة تفعيل ما تبقى من "الجبهة الشامية" الناشطة في حلب، وإعادة الاعتبار إلى المدعو عبد العزيز سلامة قائد ما يسمى بـ"لواء التوحيد"، والذي أوقف الدعم التركي عنه.

ويتابع المصدر أنه تم خلال الاجتماع الانتقال إلى الملف الأهم، حيث طلب السعودي بشكل مباشر من غرفة عمليات ما يسمى بـ"جيش الفتح" مهاجمة الفوعة وكفريا من جميع المحاور، مانحاً إياهم أقل من 7 أيام كمهلة زمنية للبدء بالعملية، فيما تدخل الامريكي في النقاش ليمنح هبة لوجستية لـ"جبهة النصرة"، والتي ستتزعم هجوم غرفة عمليات "جيش الفتح"، كانت عبارة عن صواريخ مضادة للدروع، بالإضافة إلى التنازل لها عن  كميات كبيرة من صواريخ "تاو" الامريكية التي سرقتها من مخازن ما يسمى بـ"جبهة ثوار سورية"، التابعة للمدعو جمال معروف.

وبحسب المصدر، فإن مجموعات "جيش الفتح" وسواها التي حضرت الاجتماع لم يكن أمامها أي مبادرة عسكرية، واقتصر حديثها حول زيادة الدعم المالي، بعد فشلها الكبير في اقتحام جبهة المخابرات الجوية في حلب، والتقدم الحاصل للجيش السوري في ريف حماة واللاذقية، والذي عزته تلك المجموعات إلى نقص الامدادت النفطية لديها، لينتهي الاجتماع بعد ذلك بصياغة البيان الذي سيوجهه "جيش الفتح" الى الاعلام عن بدء عملياته العسكرية باتجاه كفريا والفوعة.

أيام قليلة، وانطلقت المعركة الجديدة بإيعاز سعودي تركي اميركي ضد مدينتي الفوعة وكفريا المحاصرتين وذلك في الخامس عشر من الشهر الجاري، واستبق الإعلانَ عنها قصفٌ تمهيدي بقذائف جهنم وقذائف مدفعية وهاون طالت المحاصرين في المدينتين، فيما شكلت غرفة عمليات للمعركة في بلدة بنش الواقعة جنوب مدينة الفوعة، لينضم إليهم مسلحون آخرون من قرى طعوم وبروما ومعرتمصرين.

وعلى الرغم من الهجوم العنيف الذي انطلق باستخدام صواريخ جديدة وأسلحة مختلفة، إلا أن المدافعين عن مدينتي الفوعة وكفريا، وبمساندة الجيش العربي السوري، اثبتوا أن إرادة القتال عند الشعب والجيش السوري، كانت أقوى من جميع تجهيزاتهم المادية والمعنوية، فما واجهه المدافعون عن كفريا والفوعة، كان أشبه بمعركة وحصار "ستالين غراد"، إلا أن أهالي البلدتين صمدوا ودافعوا بشراسة، وهم يؤكدون بشكل دائم انهم مستعدون لكل الاحتمالات في ظل استمرار الهجوم حالياً لمنع محاولة تحقيق أي خرق على جبهات ومحاور الفوعة وكفريا.

مركز الإعلام الإلكتروني  

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=23876