كتب عبدالله أحمد في جريدة الأخبار اللبنانية تحت عنوان "الاستراتيجيات في ظل الضبابية: الحرب على سورية" : في ظلّ الضبابية على مستوى المسارات الجيوسياسية وبالتوازي مع انخفاض مستوى القوّة لدى الولايات المتحدة الأميركية، تستمر الحرب الإقليمية الكبرى التي تستهدف إسقاط الدولة السورية من أجل التأسيس لمرحلة إعادة النفوذ ورفع منسوب القوة التي تُعيد الهيمنة على المنطقة والعالم، وذلك بالاعتماد على الدول الإقليمية الوكيلة وعلى تناقضات الدين السياسي، وحرب الأفكار، وتستخدم بوضوح التنظيمات التي أسّست أصلاً لهذا الغرض أي التنظيمات المرتبطة بالقاعدة (داعش والنصرة، جيش الفتح... الخ(.
تكمن خطورة هذه المرحلة الضبابية بكون الدول الإقليمية تتصرف وكأنها صاحبة القرار في المنطقة، مع غياب للقوى العظمي التي تستطيع ضبط المسارات الجيوسياسية لهذه الدول، وهذا يحمل مخاطر الانزلاق في حرب إقليمية كبرى، إذا ما حدثت أخطاء كنتائج لحسابات غير مدروسة لأي من الأطراف. الولايات المتحدة الأميركية تدير الحرب على سورية ومحور المقاومة (سورية وايران وروسيا وحزب الله)، وعينها على الصين التي تعتبرها الخطر الأكبر على المدى المتوسط والبعيد. حيث تعتمد لتحقيق هذه الاستراتيجية على أهداف عدة:
1- في سوريا: الوصول الى تسوية بالمفهوم الأميركي أي الوصاية على سورية بشكل مشابه لواقع لبنان او العراق، بالتوازي مع إرغام الدول الحليفة إيران وروسيا على الرضوخ وتقديم تنازلات بما يخص سورية والاقليم.
محددات أساسية في الاستراتيجية الأميركية في الحرب على سورية: 1- الاستثمار في الدبلوماسية العامة والحرب الناعمة والذكية بالتوازي مع الترويج للحلول السلمية والاتفاق النووي مع ايران (الذي لن يوقع وإنما ستمدد المفاوضات بشكل مستمر) من أجل إدارة الحرب ضمن حسابات دقيقة لخدمة المشروع الاميركي في المنطقة.
الخلاصة
في هذه المرحلة الحاسمة من الحرب المركبة والتي تتشابك فيها المشاريع والقوى الإقليمية والدولية، وبنتائجها سيتم ضبط المسارات الجيوسياسية في المنطقة والعالم لا بدّ من ضبط إيقاع ادارة الحرب وفق حسابات دقيقة من حيث إبراز القوة وتوجيه النشاط الدبلوماسي «الجيواستراتجية» مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الديناميكية في المنطقة وتاريخ الحروب والصراعات المختلفة. المتغيرات في المنطقة وفي تركيا وتداعيات الجبهة الجنوبية، يشير الى أن التصعيد سوف يزداد في جبهة الجنوب، مع محاولات دائمة في الشمال، إلا أن مسار الحرب في القلمون، وربح القيادة السورية ومحور المقاومة في السياسة على مستوى الإقليم، يؤسس لتركيز الجهود على الارض لقلب المعطيات على جبهات عدة في الأسابيع المقبلة، وستكون لذلك نتائج وتداعيات داخلية واقليمية تؤدي الى إجهاض المشروع الاميركي «اطالة امد الحرب»، وهذا متوقع ومرتقب نظراً للمعطيات الموضوعية وأداء الجيش خلال المرحلة السابقة. التحدي الأكبر هو مواجهة حرب الأفكار والحرب النفسية والإعلامية، التي لا تؤثر في مجرى الأحداث الحالي فقط وإنما لها أثر في مستقبل الأجيال والصراعات والحروب المستقبلية، وهذا يستدعي مراجعة الاستراتيجيات الاعلامية الحالية وبشكل سريع والبدء ببرنامج عمل إعلامي متكامل للمواجهة على المدى القريب والمتوسط. الرهانات على الاتفاق مع إيران حول الملف النووي، أو حصول تغير دراماتيكي في تركيا على المدى القريب غير دقيق، والأمر نفسه بالنسبة إلى مبادرة دي ميستورا أو الحوار مع المعارضات كون ذلك يصبّ في اطار الاستثمار وتعبئة الوقت الضائع بحسب مقتضيات العلاقات الدولية. مركز الإعلام الالكتروني |
||||||||
|