وجهات نظر

دي ميستورا: ثنائية الدولة والإرهاب

عبد اللطيف عمران


 كتب عبد اللطيف عمران مقالاً بعنوان " دي ميستورا: ثنائية الدولة والإرهاب" جاء فيه

مضى قرابة عام على مباشرة السيد دي ميستورا مهمته مبعوثاً أممياً إلى سورية 10/7/2014، ولا شك أنها مدة أصبحت كافية للتأكد من وجود تناقض أساسي بين الدولة الوطنية بمؤسساتها الراسخة، والعصابات الإرهابية بمرجعياتها غير الوطنية.

وصحيح أن الدولة الوطنية في منطقتنا لم تنجز مشروعها بعد في أي قطر عربي لأسباب عديدة، فهي وقبل ربيع الخراب لاتزال مثقلة بتركة كبيرة ناجمة عن إشكالات تاريخية وجغرافية واجتماعية، وبشكل عام فقد كانت ولادتها عسيرة ومخاضها صعباً ومستمراً.

إلّا أن هذه الدولة أنجزت في القرن الماضي مراحل مهمة أفادت فيها من حركات التحرر الوطني العربية والعالمية، ومن حقبة التوازن الدولي والثنائية القطبية، فصمدت وتجاوزت إلى حد كبير مفرزات الاستعماريين العثماني والغربي ولاسيما في مجال العيش المشترك والتنمية.

لكنها عادت لتصطدم من جديد بالتقدّم الذي يحرزه اليوم المشروع الصهيوني بجناحيه الرجعي العربي والأطلسي.

ويتابع الكاتب، لا يخفى على السيد دي ميستورا بخبرته المعروفة، ما أصبح واضحاً ويدركه أصحاب الضمير الحي والرأي الحر في العالم أجمع من أن الدولة الوطنية العروبية مستهدفة اليوم بتحديات جديدة لم تكن معهودة سابقاً، ولم تكن تخطر بالبال، وهي الناجمة عن تمدّد العصابات الإرهابية التكفيرية المسلحة العابرة للحدود التي يتم دعمها إقليمياً ودولياً لإنجاز هدف أساسي هو تقويض الدولة الوطنية.

وعلى سبيل المثال نتخير أنموذجاً مما هو مدرك وواضح أمام شعوب العالم ما نشرته صحيفة البايس الإسبانية مطلع هذا الأسبوع من تأكيد "أن الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة بعد أيلول 2001 تقوم على تشجيع القبلية والعرقية والمذهبية على حساب القومية والعلمانية، وحسب تصورها هذا فإن إحلال الديمقراطية يتم عن طريق تقسيم الدولة، والسماح للأعراق والطوائف أن تقدم نفسها على أنها درع الدولة الجديدة، ولذلك لايوجد حل ديمقراطي حقيقي في دول مثل سورية والعراق وليبيا إلا بالتأسيس على إعادة بناء قوات مسلّحة قادرة على استعادة السلطة على أسس قومية علمانية".
إن الإرهاب الذي يتمدد اليوم، ويتقدم، ويتلقى شتى أنواع الدعم، لم يعد عصيّاً على التصنيف، ولم تعد مكوناته ولا بنيته ولا أهدافه ضبابية، فالإرهابي اليوم يصرخ بقوة ويقول: أنا هنا أنا موجود أكفّر، أدمّر،أذبح، أرفض الحوار والحل السياسي، وأي تسوية.

ويضيف الكاتب، ألم تعلن العصابات المسلحة في سورية في آذار الماضي رفضها خطة دي ميستورا، ورفض لقاء ممثلين عنه؟، وكذلك تجاهله ما يسمى بالائتلاف اندماجاً مع هذه العصابات، وكذلك فعلت الأمر نفسه تركيا وقطر والسعودية.

هذا واضح تماماً، كما هو واضح أن هذه الحكومات تقدّم شتى أنواع الدعم لهذه العصابات، في الوقت الذي يجب ألا يغيب فيه عن السيد دي ميستورا أن بحوزته أوراقاً قوية، وأدلة دامغة ووثائق ،  وهو المعني بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب،  تفرض عليه أن يعلن ما هو واضح من عرقلة الإرهابيين وداعميهم لخطته ولمهمته.

في سورية اليوم هناك ثنائية ضدية أساسية هي الإرهاب في مواجهة الدولة الوطنية،  التي نعتز ونعترف بأمانة وموضوعية بقيمة ما أنجزته من عيش مشترك وأمن واستقرار، وخدمات من أقصى قرية في ريف الحسكة إلى أقصى قرية في ريف درعا حيث في أصغر قرية المدرسة مجاناً وكذلك المستوصف، والمركز الثقافي، إضافة إلى تأمين الماء والكهرباء والاتصالات….، وفوق هذا الأمن الغذائي وغياب المديونية وتوسيع دائرة المشاركة في اتخاذ القرار… وهذا غير موجود في أي قطر عربي.
إذن أين المشكلة، وأين الحل؟

يقول الكاتب: المشكلة هي أن الدولة الوطنية العروبية في نظامنا السياسي تقاوم ومنذ زمن طويل مفرزات المشروع الصهيوأطلسي الرجعي العربي.

والحل عند حاملي ذلك المشروع هو بتقويض هذه الدولة بثوابتها ومبادئها، فلم يعد أحد يجهل أن تفكيك الدولة الوطنية العروبية في سورية ليس كارثة عليها وحدها بل هو كارثة إقليمية ودولية. وداعمو الإرهاب يعرفون ذلك، كما يعرفه كل من يقرن الحل السياسي بكرسي السلطة، وكأن هزيمة الإرهاب متعلقة بأرجل هذا الكرسي.
فلا بد أولاً من هزيمة الإرهاب الذي صار مشروعاً وطيد الأركان في المنطقة، وصار أيضاً تحدياً كبيراً ومقلقاً لداعميه.

و سنرى قريباً كيف سيهزمه شعب سورية بوعيه وأصالته وتلاحمه مع الجيش والقيادة، وهذا أمل وطني وعروبي تقدمي تحرري ينتظره أحرار العروبة والعالم من الدولة الوطنية السورية.

مركز الإعلام الالكتروني
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=22779