وجهات نظر

نهاية كذبة العدالة

ناظم عيد


كتب ناظم عيد مقالاً تحت عنوان"نهاية كذبة العدالة" جاء فيه:

قد لا تستحق النتائج التي اختلسها أردوغان و"عصابة" العدالة والتنمية في انتخابات الأمس، توصيفاً بأكثر من عبارة "فوز رخو" في الأعراف الانتخابية، جاء بعد طول شد وتصعيد  ومحاولات إلغاء للآخر، على مسارح الدعاية والتسويق العصبي لحزب انتحل برامج سياسية وادعى حلولاً اقتصادية على طريقة أكثركم مراءاة في ذكر الله أبعدكم عن طاعته.

لكن في حسابات الخصوصية التركية وحسابات شعوب المنطقة ودولها وكل التقدميين المناهضين للردّات الرجعية الساقطة في أدبيات القرن 21، ثمة إعلان صارخ لهزيمة مشروع دموي تدميري هدام حاقد، على كل الملامح المضيئة في حياة الشعوب تزعمه أردوغان وتحالف مع الشياطين، لتقويض حضارات ودفن ملامح مسارات مستقبل شعبه وشعوب الجوار، ممتطياً مصائر الملايين لتحقيق حلم لا يعدو في قاموس المدنية الحديثة عن كونه ارتكاسة موصوفة وإبحار أحمق إلى أوكار معتمة في التاريخ الغابر.

هزيمة تستحق الاحتفاء و بدوافع موضوعية أكثر التصاقاً بواقع المنطقة والإقليم، وذات صلة بما آلت إليه أحوال تركيا المخطوفة بقرصنات "أردوغان وحزبه" وتحوُلها إلى بؤرة شيطنة وبوابة قلق مافتئت تضخ ألسنة لهب كاوية لفحت الجوار والأصدقاء، وربما كان الأكثر تأذياً غالبية الشعب التركي المأزوم اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.

لقد أكدت نتائج الأمس أن إقصاء العصابة التي استلبت مقصورة القيادة وانحدرت بتركيا انحداراً دراماتيكياً، لن يكون " بالضربة القاضية" بل بالإزاحة البطيئة ولعل في ذلك فرصة أمام كل راغب بمعاينة فصول احتضار مصاص دماء متمرد على كل قيمة أخلاقية وإنسانية، فبعد دخول حزب الشعوب وعبوره إلى البرلمان من فوق العتبة الانتخابية، وحيازته مع حزب الشعب والحركة الوطنية لأكثرية برلمانية بات من الممكن والمرجح تشكيل حكومة ائتلاف تكسر الأنياب الناجزة لحزب أردوغان واستفراداته بأحوال البلاد والعباد هناك.

وهذه ليست نبوءات محمولة على موقف سياسي، بل ترتكز على حقائق سياسية واقتصادية واجتماعية شكلت مآلات المشهد السوداوي التركي العام، وتم إعلان أرقامها ومعطياتها على شكل صراخ من التوجّع بعد طول صبر ومكابرة.
إذ تضاعفت حصة المواطن التركي من إجمالي ديون الدولة في حقبة"العدالة والتنمية" 52 مرّة، ودخل 59% من الأتراك تحت خط الفقر الأدنى، ومُنيت الليرة التركية بمستويات تقهقر غير مسبوقة عائدة لأسباب سياسية واقتصادية معاً، كما ارتفع العجز التجاري بمعدلات لم يسكت عنها الرأي الأكاديمي هناك فاتخذت التحليلات صفة الإنذارات، كما ارتفعت معدلات البطالة إلى حدود 13 %، ، واتسم النمو العام بطابع نخبوي رأسمالي أي نمو عمودي "أعرج" بعيد عن التوازن الأفقي كان اللافت فيه أن صاحب الفعل والحصة الأكبر منه هي الرساميل الأجنبية المتدفقة من الخارج ذات "الهوس الاستثماري" في القطاعات الريعية والخدمية وبشكلٍ أذكى جذوة الاستهلاك والاقتراض قفزت معها كتلة قروض المستهلكين خلال ال11 سنة الماضية بواقع 11 ضعفاً، وسلسلة طويلة من الأرقام السوداء التي لم تبشر بمستقبل مستقر لتركيا وللشعب التركي، بل أنذرت بويلات
تحاكي "جائحات" الانهيار التي عصفت بالنمور الآسيوية في تسعينيات القرن المنصرم.

على كل حال إذا كانت " الصراصير" قد تكفلت بتهجير أردوغان من قصره ودفعه لبناء " القصر الفضيحة" وفق ما سوّغ وزعم مؤخراً، فها هو الشعب التركي يتكفّل بلفظه خارج حدود البلاد، ويبدو أنه علينا البدء بقراءة جديدة لمستقبل المنطقة، وعلى الشعب التركي والشعوب الصديقة رسم إحداثيات ومسارات تكافل جمعي لترميم آثار الرضوض التي أحدثتها "لغبصات" أصحاب مشروع "صفر أصدقاء".
 

مركز الإعلام الالكتروني

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=22386