وجهات نظر

خدمة لمشروع التقسيم

رغداء مارديني


تحت عنوان "خدمة لمشروع التقسيم" كتبت رغداء مارديني مقالاً في صحيفة تشرين جاء فيه:

قالت الكاتبة: "منطقياً لا تكتمل أي مؤامرة، مهما كبرت أو صغرت، من دون أن يرافقها بثّ حرب كلامية نوعية إعلامية من نوع آخر، تسبق الأحداث المراد تضخيمها أو فبركتها وتلاحقها، باصطناع الشائعات المغرضة والأحاديث الحاقدة، القائمة على بناء تحليل كاذب وغير مستند إلى أي رؤية واقعية.. وهذا يبدو من أخطر ما يمارسه المضللون وناثروا حرب الشائعات، ولاسيما إذا امتلكوا الفضاء الإعلامي لإرسال آلاف الرسائل الإعلامية المضللة للجمهور المتلقي، عبر من تكون قد استأجرتهم أو اشترتهم من طواقم الإعلام المعدّ خصيصاً للعب هذا الدور".

وأضافت : وقد ينجح مثل هذا في أحيانٍ كثيرة، إذا وجد الأرض الخصبة للنماء في المجتمعات المهزوزة، وغير المؤهلة أو غير المتماسكة، حيث تكون عادةً مثل هذه المجتمعات فريسة سهلة لمثل هذه الأضاليل وتلقّي تلك الافتراءات على أنها حقيقة واقعة لا لبس فيها.

وتتابع.. في تكوين الحرب المجنونة على سورية شكلت تلك الشائعات السوداء ترادفاً منضماً مع حرب مسعورة إعلامية، لطالما اشتد أوار سعيرها على مدى أربع سنوات من حرب إرهاب التكفير الوهابي وتنظيماته الإرهابية، وبما تفرع عن ذلك من أجيال وأجيال بالرعاية الأمريكية – الصهيونية الحصرية، التي حضّرت لمثل هذا الاستعمار تحضيراً جيداً، بما قدمته لها مراكز بحوثها وأروقة مخابراتها من معلومات سرية وعلنية وبعشرات التسميات، معتمدة فيها على أدواتها في المنطقة، ضمن معايير إرهابية رسمت بخطوط عريضة المراد من كل ما اصطلح على تسميته في دراساتهم وبحوثهم، مشروع التقسيم الجغرافي للمنطقة كاملةً.. والموضوع على لائحة التمذهب الطائفي، والأهداف المعلنة وغير المعلنة، إلى معهد الوارف الأمريكي "بلبوسه الإنساني" الذي تشرف عليه مباشرة السيدة هيلاري كلينتون شخصياً، وهو الذي أنشئ خصيصاً لهذه الغاية الموكلة له، من وضع مجمل هذه المفاهيم والمصطلحات الطائفية وبث سمومها في تجزئة المنطقة وتقسيمها، حتى إنها لا تترك مجالاً للغرب ليمد يده الناعمة، لأن هناك من يقوم بالمهمة نيابة عنه..

وتستطرد الكاتبة بالقول.. "حرب الشائعات المجنونة، على اختلاف سيناريوهاتها وتوجهاتها، التي رافقت الحرب على سورية كان الشعب السوري متنبهاً لها جيداً ومدركاً منذ البداية الوهن الذي اختلقت فيه أكاذيبها فصارت محط سخريته، وتفنيده لمكوناتها، ما هدم سمعة ممالك إعلامية كبيرة، دبجت لها الميزانيات والأموال النفطية السائلة، التي كثيراً ما تسترت وراء قوة ماكينتها المضللة خدمة لأسيادها، ومشغليها..

وأضافت الكاتبة:  فما كان من آلية الاستمرار إلا العمل على استبدال سيناريوهاتها بين محطات، واستبدال أدوار ومحطات، وأجراء، على لغات من استأجرتهم من أجيال الـ CIA، المتعلقين بحبال الذهب السرية، التي أنعمت بها عليهم وشدت بها الرسن المالي على رقابهم، تسوسهم كيفما شاءت وأنى أرادت.. ومع ذلك كان الضخ الإعلامي التضليلي قوياً، وكان شعبنا له بالمرصاد.. ولن نعيد هنا عشرات، مئات، آلاف، الأرقام والمسميات التي استخدمتها مشروعات التقسيم الصهيوني التدميري في المنطقة، لأنها باتت تتحدث عن نفسها بنفسها، ولم يعد لها وزن ولا قيمة، حتى في عالم المجتمع الافتراضي وليس الواقعي.. وفي هذا، تبدو معاهد الطائفية الأمريكية، ومراكز بحوثها الممولة من الغرب الاستعماري، المعنونة على بنود تمذهب مختلفة في الحملة الاستعمارية الجديدة، مكشوفة للوعي الجمعي العربي السوري، الذي شكل صموده وصمود جيشه وقائده في وجهها العنوان الأبرز لهذا الوعي الذي بلور التلاحم الذهني مهما اشتدت الشائعات المجنونة عليه، والتي صارت مصدراً للتندر والسخرية في ظلمة سنوات الحرب وقسوتها على أرضه، وفي غمرة المحاصرة العالمية الاقتصادية عليه، والهجمة الإرهابية المنظمة على ممتلكاته الشخصية والعامة، وسيادة بلده، وكسر خط مقاومتها..

وختمت الكاتبة بالقول: فالشعب مازال حياً مزنراً بالوعي والعزيمة الصادقة، ولن ترهبه شائعة هنا، وغيرها هناك، لأنه بات يعرف سلفاً أن بلده واسطة العقد المستهدفة عالمياً، وما تلك الشائعات المزنرة بالمؤامرة، إلا دفع جديد ليحث الخطى الواثقة من نصره على الإرهاب, إرهاب الهوية، والأرض، والعرض، والجغرافية، والتاريخ، مسطراً ملاحم البطولة والنضال، إلى جانب جيشه وقائده في ميدان حرب القرن.. وهستيريا الحرب وأدواتها توالي السقوط على جدران الوعي والحصانة والبطولة.. فماذا أنتم بعدها "أيها المجرمون" فاعلون؟!..
 

مركز الإعلام الإلكتروني 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=21390