وجهات نظر

سورية وحال الأزمة

أحمد حسن


تحت عنوان "سـورية وحـال الأمـة" كتب أحمد حسن مقالاً في صحيفة البعث جاء فيه: 

قال الكاتب: يمكن استخدام توصيف محمد حسنين هيكل لمغامرة قادة "مملكة القهر" في اليمن، بأنها عبارة عن "اندفاع بلا رؤية"، لتفسير الكثير مما حدث، ويحدث، في المنطقة من “مغامرات”، ليس لها، في المحصلة النهائية، سوى أن تقدّم دليلاً بيّناً عن أزمات بنيوية عدة تعصف بالعرب، رعاة ورعايا، ليصبحوا، بالضرورة، موضع استغلال لمن يملكون "الرؤية" في هذا العالم الفسيح.

وأضاف: والحال فإن كون العرب هم "الرجل المريض" في عالم اليوم، لم يعد بحاجة إلى أدلة كثيرة، ويكفي أن نراقب كيف تحضّر دول النفط الغنية نفسها للقاء "أوباما" بعد أيام عدة، بتسعير الصراع المسلح ضد سورية، وبالتركيز على “الخطر الإيراني” الافتراضي، وليس الخطر الأمريكي-الإسرائيلي التفتيتي، الواقعي الداهم والقائم، كي نلمس الوقائع بأيدينا ودمائنا أيضاً.

ويتابع.. بيد أن الأمر كان كذلك دوماً، فالعرب لم يكونوا في تاريخهم الحديث سوى مجرد منفذين أمينين لـ “رؤية” خارجية بامتياز، والدليل أنهم فيما دعوا، في مرحلة سابقة، “لأندلس إن حوصرت حلب”، بحسب محمود درويش، فذهبوا للقتال في أفغانستان والشيشان، والبوسنة والهرسك تنفيذاً لأوامر “الصدر الأعظم” في واشنطن، فإنهم اليوم، وتنفيذاً لأوامر “الصدر” نفسه، يذبحون “حلب” ذاتها، بعد أن ساهموا قبلها، في ذبح القاهرة، دوراً ومكانة، وإغراق العراق بالحرب العبثية مع “الفرس” ثم مشاركة الأمريكي باحتلاله وتقسيمه، ثمّ تقسيم السودان وفوضى ليبيا، وأخيراً مأساة اليمن، وتلك قضايا انخرطوا فيها كي يحرفوا الأنظار عن القضية الحقيقية الواحدة، المتمثلة بأولوية توجيه البنادق والثروات العربية لتحرير القدس الشريف، ويمكن هنا إبراز المفارقة بين اندفاعهم الهائل لتمويل القنبلة النووية الباكستانية، واندفاعهم، الهائل أيضاً، لمنع تمرير “بندقية” واحدة أو مسدس فردي لمقاوم فلسطيني، والسبب بسيط جداً، تحرير القدس من الاحتلال الإسرائيلي، يعني تحرير مكة والمدينة والحجاز من احتلال مستدام لآل سعود، وتحرير الدوحة من آل ثاني، وهلم جرا..

بهذا الإطار الوظيفي، تصبح السياسة عندهم مجرد نزوة لحاكم هنا، ومطية لطامح بالحكم هناك، ويصبح استخدام المنظمات الإرهابية في سورية، والأسلحة المحرّمة دولياً، بحسب هيومن رايتس ووتش، في اليمن، والبترودولار لشراء الباقي من “الخليج الثائر إلى المحيط الهادر”، العمل “السياسي” الوحيد الذي “يجيدون” القيام به لمواجهة البيئة الاستراتيجية الجديدة والقادمة حتماً بعد توقيع “النووي”.

وأضاف الكاتب: وبهذا الإطار أيضاً، يصبح مفهوماً أن يمثّل بعضهم، مثقفين وحكاماً، “رافعة لقوى الإرهاب والظلام مضفين عليها شرعية ثورية بوصفها مخلّصاً من نظام الاستبداد!”، حيث أعمى بعضهم الدولار والدينار عن "الرؤية"، فيما تكفل الحقد الطائفي والمذهبي للبعض، ووهم "الأستذة" للبعض الآخر، في إعماء البقية منهم، حتى وصل الأمر بملك عربي-نفّذ وأسرته من قبله، كل المؤامرات على العرب- إلى التغاضي عن حقيقة أن "داعش" نشأ في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق، وأنه ابن “القاعدة” التي نشأت نتيجة تزاوج الفكر الوهابي والمال الخليجي، والدعم الأمريكي الكامل، بهدف إبقاء المنطقة، مشغولة بالعيش الدائم في ظل غبار زوابع وهمية وقضايا زائفة، يراد منها التغطية على التحديات والقضايا الحقيقية، تمهيداً لإجراء تغييرات سياسية وجغرافية متلاحقة، حينما يجد الأمريكي مصلحته بذلك، وهو ما رأينا نذره في تعامل “الكونغرس” مع العراق مؤخراً، وما يتسرب عن خرائط جديدة لأمكنة أخرى عديدة.

وختم الكاتب بـ ولكن حال الأمة هذا، بقي له مثال نابذ ومعاكس يتمثّل بسورية، مكوّنات وثقافة وديناً وموقعاً ودوراً مقاوماً ورؤية وطنية مستقلة، فكان قرار تدميرها، قراراً أمريكياً-صهيونياً من جهة، ورسمياً عربياً من جهة أخرى، وهذا ما أثبتته السنوات الماضية، وما تثبته هذه الأيام "إدلب"، و"جسر الشغور"، و"نصيب"، و"القنيطرة"، لكن سورية التي اعتادت صناعة التاريخ، ستصنعه هذه المرة أيضاً، وستبقى، كما كانت دائماً، ركن الأمة الثابت والوحيد.
 

مركز الإعلام الإلكتروني 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=21285