نافذة على الصحافة

الجولان يصنع لونه


أوردت صحيفة الوطن العماني مقالاً لـ زهير ماجد تحت عنوان " الجولان يصنع لونه" جاء فيه:


ما من أرض تزأر كمثل الجولان.. إنها نداءات من أعماقه تقول بالحنين إلى أمه سورية، إلى خليته الأولى التي تكونت وصارت عربية، إلى حلاوة مياهه التي تهدر من نبع كرامة أبناء المنطقة ومن عنفوانهم.


ليس كمثل الجولان من يصدر تلك الأصوات قبل هذا الوقت الذي دفع فيه أربعة من أبنائه الأحرار لركوب المركب الخشن.. فقبل تلك القافلة من الشهداء ثمة بطولات وثمة أبطال، ثمة سجناء لأنهم قاوموا في أرض المقاومة تلك.


لم نفاجأ عن الإعلان عن العملية، فنحن على علم أن تلك البقعة الغالية من أرض الشام والتي تقع في وسط سورية وليس على أطرافها كما كان يردد المناضل حافظ الأسد، لن تبقى أسيرة ظروف، كما لن تبقى مدرجة على لائحة المناطق المحتلة.. فها هم ثوار الجولان يقدمون شهادة على حراك أينعت ظروفه ولاحت، ولا بد بالتالي أن يكون وراء هذا الحراك ما هو كامن في كل بيت جولاني، وفي كل قرية وسهل وجبل.


قالها الرئيس حافظ الأسد طيب الله ثراه إن الجولان ستتحول كارثة على إسرائيل، لكن الإسرائيلي لن يفهم المغزى العميق، ظن أن القوة وحدها تظل مسيطرة وقادرة على الوقوف بوجه الزلزال الشعبي عندما يحين الوقت الذي جاء بالتقسيط منذ زمن اغتصابه، لكنه الآن على قابلية الانفجار الشامل الذي احتدم ولن يعود عن غاياته.


أربعة شهداء من ثراه الطيب، بهذا العدد البسيط تبدأ الطليعة مشوارها الطويل، ثلة من المجاهدين تكفي لتفجير واقع، شرارة تشعل حقلا. هكذا بدأت كل الثورات الحقيقية، وبهذه الطريقة ترسم الثورات وتتعمم. أعلنها حزب الله، وهاهو يقدم القافلة التي تستعد مئات القوافل مثلها إلى المضي في ركابها.


تعلمنا الثورات أنه إن سقط مارد سينهض ألف مارد، ولو قطعوا ساعدا سيعلو ألف ساعد.. وإن أرضا كالجولان لا بد أن تصنع لونها، ففي تربتها ترانيم الانبعاث الثوري، وفي خلاياها حرارة الإيمان بأن ما تقدم ليس سوى عينة لنداء إننا قادمون.


لاشك أن الإسرائيلي باشر التذمر من صورة المشهد الجديد وبدأ يعد العدة وينظم استخباراته عله يكتشف ما هو أجدد مما أمسك به, يتعلم الثوار أيضا كيف يراجعون حسابات التخفي والاقتدار هو التمكن من النمو خارج العيون البصاصة والآذان النابتة في الجدران وفي كل مكان.. فتلك هي طريقة حزب الله التي أوصلته إلى أن يكون أكثر حزب مليء بالأسرار التي تظل سرا.


شهداء الطليعة في الجولان يفتحون باب الرجاء إذن لقوافل سوف تعبر إلى حيث يجب أن تكون دائما، وكل الجولان جاهز لأن يكسر الصبر الطويل الذي عاناه وإن كان تاريخه منذ احتلاله ثورات دائمة لم تهدأ، وعصيان وراء عصيان، ودم جاهز ليكون مددا، وعيون ساهرة ترقب فعلا منتظراً.


سوف يرى الإسرائيلي كيف أن غارته قد حققت أهدافها بتحويل أرض الجولان برمتها إلى ثورة شاملة، فبدلا من أربعة هنالك الآلاف، تلك هي اليقظة التي تنمو في رحم يعيش مخاضه منذ زمن وقد حان وقت الولادة، إنه موسمه، والأرض العطشى لن تبخل بشهدائها، كل شيء في الجولان شبيه بأرضها التي تصنع لونها.

مركز الاعلام الالكتروني

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=20986