نافذة على الصحافة

حوار موسكو التشاوري ...المعادلات والرسائل


مركز الإعلام الإلكتروني

الأحداث المتسارعة وضبابية المواقف الدولية والسباق المحموم ما بين القوى الكبرى من أجل ترسيخ معادلات جيوسياسية تتناسب مع الرؤى الاستراتيجية لتلك الدول من خلال جبهات مفتوحة هو ما يميز الصراع الدولي الحالي، حيث تشكل الحرب على سورية محور هذا الصراع، كونها في موقع خلّاق فرضته عبقرية الجغرافيا، فهي بوابة العبور لرسم ملامح المستقبل العالمي.
يشكّل هذاالصراع عنوان الاستقطاب السياسي الدولي. إذ يشير جنون الحرب والاستهداف من حيث الشكل والواقع إلى أن المشهد الحالي ما هو إلا صراع مستميت بين القوى العظمى لعالم لم تتحدد ملامحه بعد. المقدمات المكتوبة والاستراتيجيات الواضحة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها تشير، بما لا يدع أي مجال للشك، إلى أن الهدف الاستراتيجي هو تدمير الدولة الوطنية السورية والعمل على إرساء نمط جديد عنوانه الوصاية، يستند على "المحاصصة" كما في الحالة العراقية أو اللبنانية. إلا أن القيادة والجيش السوري تمكنا من فرض واقع على الأرض وفي السياسة، أدخل الغرب في حالة إرباك وأجبره على إعادة رسم الخطط والاستراتيجيات، وهكذا بدأت مراكز الأبحاث الغربية تعيد القراءة والتقييم.... القيادة السورية تحسم الحرب في المدى القريب، فما الحل؟ تتجدد المبادرات السياسية مع كل انتصار استراتيجي للجيش السوري، إلا أنها تهدف في جوهرها إلى إحداث إرباك وخرق على الجبهة السورية، وربما كسب الوقت وإن كانت هذه المبادرات تعني في إطار لعبة الأمم، الوصول إلى حالة من السلم، إلا أن الاستراتيجية المعلنة لدول الحرب على سورية تهدف إلى محاولة الحد من آثار الانتصار السوري المرتقب. في هذه اللحظة التاريخية، وبعد أن فشلت جميع المبادرات السابقة، وجهت روسيا الدعوة لإجراء حوار تشاوري تمهيدي ما بين الدولة السورية وشخصيات معارضة، بهدف عقد مؤتمر لحل الأزمة السورية، وتشير الاستجابة إلى هذه الدعوة والحركة الدبلوماسية النشطة التي شهدتها مؤخراً أكثر من عاصمة غربية، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى جاهدةً لعرقلة التوصل إلى أية نتيجة، وإفشال الحوار التشاوري.

لايتطلب الأمر جهداً كبيراً لفهم ذلك. حيث تؤكد الإشارات الصادرة عن الوكلاء دقة ما سبق قوله، فالمصالحة المصرية القطرية، وحج هيئة التنسيق وتيار الدولة والائتلاف إلى مصر لتنسيق المواقف يشي بالكثير. تم التخطيط لأسر الدور المصري من قبل السعودية ليشكل "حصان طروادة" لإفشال الحوار ونقله باتجاه يخدم المخطط الغربي أي "الحالة العراقية والحالة اللبنانية"، على الرغم من التصريحات الجوفاء التي أطلقتها الحكومة المصرية فيما يتعلق بسعيها الحثيث لأن تكون وسيطا، فكيف يمكن الرهان على دور أو وساطة، ومصر لم تُعِد بعد علاقاتها مع الدولة السورية على المستوى الذي يحقق وزن الدولتين اقليما.
أربكت الرسالة الروسية من خلال الدعوة إلى حوار تشاوري محور الحرب على سورية، إذ يعيش إردوغان حالة من الهلع سببها الخشية من انتصار الجيش السوري، الذي قد يتردد صداه داخلياً من خلال عودة الجيش التركي إلى لعب دور في معادلة المحافظة على اِرث اتاتورك بمقابل سعي أردوغان لاجتياح المجتمع التركي بمشروعة المعتمد على تنظيم الاخوان المسلمين. أما إسرائيل فتمر في مرحلة من القلق والإرباك أيضاً، فالخوف من محور المقاومة أصبح واقعاً، على الرغم من أن زعماء الكيان الصهيوني يحاولون الإيحاء بعكس ذلك. إن الاتجاه الذي يُسوق له غربياً، إنما هو نمط ونسخة محدثة من اتفاق الطائف، إلا أن سورية مغلّفة بالعلمانية رغم استخدام اللعبة الطائفية كأداة في الحرب عليها، والتي عملت أطراف الحرب على ترسيخها خلال السنوات السابقة من الحرب وذلك انسجاماً مع مشروع الشرق الأوسط الجديد.

تنسجم الدعوة الروسية مع رؤية الدولة السورية ودعوتها منذ بداية الأزمة إلى إيجاد حل من خلال حوار سوري، في حين راهنت "المعارضات" على إسقاط الدولة السورية ورفضت الحوار، وأدت الدور الموكل إليها في المساهمة في سفك الدم السوري.
الثبات في محاربة الإرهاب، والحرص على السيادة الوطنية هو ما تقوم به القيادة السورية من خلال العمل باتجاه الحل السياسي ومحاربة الإرهاب بحزم، وسوف تشهد الأشهر القادمة العديد من المبادرات والأفكار، مترافقة مع محاولات تصعيد على أكثر من جبهة على الأرض.

الرئيس الأسد ومن خلال ظهوره المفاجئ على خط التماس في جوبر حرص على إيصال مجموعة من الرسائل مفادها، أن سورية مستمرة في مقاومة المشاريع الغربية ومحاربة الإرهاب ولن تقبل ما يمس السيادة الوطنية، وان اللبنة الأخيرة لهزيمة المشاريع الغربية قد ترسخت مع بزوغ فجر عام 2015. العالم يشاهد ووقائع الميدان تُرسخ وتَكتب تاريخ أمة لم ترضخ. قدر سورية أن تحارب مشاريع تدمير الإنسان والحضارة .
قدرها أن تبث رسائل المحبة إلى العالم ليعيد التاريخ نفسه، فقدسية المكان، والرسالة منذ الأزل، تبقى وتتجدد مع قائد استثنائي.
إنه الرئيس الأسد، وإنها سورية مهد الحضارات، وعنوان الكرامة.

 عبدالله أحمد- موقع توقيت دمشق

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=16414