نافذة على الصحافة

"حلب أولاً"..مواجهة حتميّة بين الأتراك والأميركيين


الإعلام تايم

تناولت صحيفة ( الديار اللبنانية ) مقالاً أفادت فيه أنه مع إعلان دمشق رسمياً أن خطة المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا جديرة بالدراسة، انفتح أمام السوريين هامش يعيد للسياسة مكانتها في الصراع، بعد إغلاق أبوابها في "جنيف 2".

ورغم أنه من المبكر القول إن مجموعة الأفكار التي حملها دي ميستورا تستحق أن يطلق عليها اسم الخطة، إلا أن دمشق فضّلت تبنيها، ورفعها إلى مستوى الخطة، كما قال مصدر سوري، لاختبار مسار سياسي جديد، وتطوير ما حمله الوسيط الدولي من أفكار، خصوصا أنه ترك انطباعاً قوياً لدى محادثيه في دمشق، بأنه يعمل على تسوية في حلب انطلاقاً من ضوء أخضر أميركي واضح..وبحسب الصحيفة فإنه من غير المحتمل أن يحمل وسيط دولي خطة إلى دمشق لا تحظى بتفاهم أميركي ـ روسي مسبق.

وخلال لقاءاته مع المسؤولين السوريين طرح الوسيط الدولي أفكاراً عامة لشرح مفهوم "المنطقة المجمدة"، الذي يتجنب الدخول في مفاوضات تقليدية، قائلاً إن خطته لا تحتاج في مراحلها الأولى إلى اتفاق مكتوب، يتطلب الوصول إليه مفاوضات طويلة ومعقدة، بسبب تعدد الجماعات المسلحة في حلب.

الصحيفة اللبنانية ذكرت أن السيد الرئيس بشار الأسد اطلع على النقاط الأساسية والأهداف لمبادرة  دي مستورا. وعبّر عن أهمية مدينة حلب، وحرص الدولة على سلامة المدنيين في كل بقعة من الأرض السورية، وفي هذا الإطار اعتبر أن مبادرة دي ميستورا جديرة بالدراسة وبمحاولة العمل عليها، من أجل بلوغ أهدافها التي تصب في عودة الأمن إلى مدينة حلب..واتفق الطرفان على أهمية تطبيق قراري مجلس الأمن 2170 و2178 وتكاتف جميع الجهود الدولية من أجل محاربة الإرهاب في سورية والمنطقة الذي يشكل خطراً على العالم بأسره.

واعتبرت الصحيفة أن دي ميستورا يملك تفويضاً أميركياً - روسياً، للانتقال من الأطر السياسية للحل في سورية، إلى التعويل على حلول داخلية ميدانية، بدءاً من حلب أولا، مع التوسع في تطبيق الخطة على جبهات أخرى..يضمن دي مستورا موافقة مجلس الأمن والأمم المتحدة على أفكاره، بالعمل على حلب أولا قبل أن يذهب بها إلى جبهات أخرى.

ووفقاً للسفير، تقاطع ذلك مع مواصلة الروس إحياء المسار السياسي، بالتفاهم مع الأميركيين، وتوجه وزير الخارجية وليد المعلم إلى موسكو نهاية تشرين الثاني الحالي، للاطلاع على أفكار جديدة لإحياء المفاوضات على قاعدة جنيف واحد. ولكن لن يكتب النجاح لأي خطة دولية لتحييد مدينة حلب أو تجميد الأعمال القتالية فيها قبل الحصول على ضمانات من المجموعات المسلحة ورعاتها الإقليميين، بحسب الصحيفة التي أضافت أنه خصوصا أن القيادة في سورية تستطيع أن تصدر أوامرها بوقف الأعمال العسكرية، أي وقف النار، وتضمن الالتزام بذلك، لكنها تنتظر أن يأتيها الموفد الأممي بضمانات من المتاريس المقابلة.

في الوقت نفسه تنتتظر سورية أجوبة حول الجهة الضامنة ميدانياً، بمعنى أنه إذا حصل خرق فمن يحدد هوية الجهة التي قامت بذلك وما هي الآليات اللازمة لإلزام هذا الفريق أو ذاك بوقف النار، وما هي حدود البقعة الميدانية؟ ولن يكتب أيضا النجاح لحلب أولاً التي يراهن الأتراك على أن تكون جزءاً من المنطقة العازلة، من دون إغلاق معابر الشمال السوري والتزام الأتراك بهذا الأمر، والأردنيين استطراداً في الجنوب عندما تحين ساعة البحث بالمعابر الأردنية، ومحاولة إقامة منطقة عازلة في الجنوب السوري، انطلاقاً من غرف العمليات في عمان. كما أن أي خطة لتجميد القتال في حلب، تستدعي صداماً أميركياً جديداً، لا يمكن تجنبه، مع أنقرة، سيضيف جبهة جديدة بين الرئيسين أوباما وأردوغان. إذ ربط السوريون بوضوح الاستمرار في إبداء المرونة بالتعاطي مع خطة دي ميستورا، بالتقدم نحو تطبيق القرارين 2170 و2178.

وأوضحت الصحيفة في مقالها أن القرارين الدوليين، سيوسعان من الاشتباك الأميركي - التركي الحالي، حول دعم حزب العدالة والتنمية لما يمكن تسميته بجناحه المسلح، تنظيم "داعش"، في معاركه في العراق وسورية. إذ لن يقيض لأي خطة أن ترى النور، لتحييد حلب أو تجميد القتال فيها أو غيرها من جبهات القتال في الشمال السوري، من دون تطبيق كامل للقرارين الدوليين، اللذين يقضيان، تحت الفصل السابع، بتجفيف تمويل "داعش" و"جبهة النصرة" وطجبهة المهاجرين والأنصار"...الخ، ومنع وصول المقاتلين الأجانب إلى سورية، وهو ما يفضي إلى مواجهة حتمية، بين الأمم المتحدة والبيت الأبيض من جهة، وأردوغان والاستخبارات التركية التي تشرف على عمليات نقل المقاتلين والأسلحة، عبر الحدود السورية - التركية، أو تغض النظر عنها.

وأكدت الصحيفة أن الأميركيين قد اختبروا قدرتهم على لي ذراع الرئيس التركي بنجاح، وتجاوز رفضه إمداد المقاتلين الأكراد في عين العرب بعناصر البشمركة والأسلحة لمواجهة "داعش"، بإنزال الأسلحة لهم بالمظلات، ليضطروه إلى فتح المعابر أمامهم بعد طول سجال، كما استغنوا عن قاعدتي "انجيرليك" و"أضنة"، بإطلاق عملياتهم العسكرية من أربيل.

الأفكار التي جاء بها دي مستورا، اعتبرتها الصحيفة أنها مؤدية الى مواجهة حتمية بين الأتراك والأميركيين.. وبوسع الأميركيين تجاوز الاعتراض التركي، إذا ما أظهروا الجدية التي أوحى بها دي ميستورا في تعاملهم من خلال موافقتهم الضمنية على معالجته لملف حلب، بالإضافة إلى التخلص من الفخ الذي يحاول وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس نصبه لهم، بدعوتهم إلى إشعال الحرب على الجيش السوري، على حسابهم لفك الحصار عن المدينة، فيما لم تتجاوز المشاركة الفرنسية في حرب التحالف على الإرهاب أكثر من أربع غارات حتى الآن.

وأوضح السوريون للوسيط الدولي أن أي خطة لتحييد حلب من دون تطبيق القرارين الدوليين، سيحوّل حلب التي تقع على بعد 20 كيلومترا من الحدود مع تركيا، إلى مدينة مفتوحة أمام السلاح والمسلحين القادمين من تركيا.

وأبلغ دي ميستورا دمشق أنه سيواصل جولته في المنطقة، لا سيما أنقرة وباريس ومنها إلى نيويورك، ليعود إذا ما استطاع تجاوز ألغام القرارين 2170 و2178، بتصور عن الآليات التطبيقية، وموافقات نهائية لن يكون يسيراً الحصول عليها. إذ يعني مجرد إغلاق المعابر الحدودية، أو حتى بعضها، لا سيما معبري باب الهوى وباب السلامة، انتحاراً سياسياً تركياً، وترك المجموعات المسلحة من دون خطوط إمداد.

 

صحيفة السفير اللبنانية

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=14799