وجهات نظر

سورية : آخر ما تبقّى لنا

رشاد أبو شاور


الإعلام تايم

أستعير من الشهيد غسان كنفاني عنوان روايته الشهيرة (ما تبقى لكم)، وأميل بالعنوان قليلاً، لأعبر به عما يجول في فكري، وأحسب أنه سيعذرني، أنا المؤمن مثله بعروبة فلسطين، وبوحدة الأمة العربية وحتمية نهوضها، وبدور المثقف المقاوم الذي لا يساوم، والجاهز دائما للتضحية بنفسه فداءً لأهداف يؤمن بها، ولقضايا وظّف عمره لخدمتها.

سورية هي عندي، وعند كثيرين في وطننا العربي الكبير هي: آخر ما تبقى لنا نحن العرب، وأقصد الجماهير العربية التي تحترق ألماً وهي تتابع مسلسل الجرائم المتواصلة المدبرة المستهدفة لسورية العربية أرضاً وشعباً ومؤسسات.

في المشهد العربي الراهن، لا أرى سوى سورية بلداً يرفع راية العروبة، ويدفع شعبها ثمن عروبته، ويذود جيشها البطل ببسالة بدمه وتضحياته متصدياً للخطر المحدق بها، والرامي لتدميرها، واستتباعها، وتركيعها، بهدف الهيمنة على المشرق العربي كله، تحديداً بلاد الشام..سورية الكبرى، وهو ما سيكرس الهيمنة الأمريكية الصهيونية التركية، وبالمال السعودي القطري، وبتواطؤ قوى رجعية محلية.

في حال انتصر هذا المخطط الذي بات مكشوفاً، فإن أمتنا ستدخل عصر الظلام، والتبعية، وهيمنة الإقليميين والطائفيين والتكفيريين، ولن تقوم لها قائمة قبل عقود قد تمتد طويلاً، وهو ما سيؤدي بالضرورة لضرب المقاومة في فلسطين، ولبنان، والإجهاز على روح ثقافة المقاومة التي ما زالت جذوتها تتأجج رغم هول الاستهداف وشراسته.

سورية بمقاومتها الصلبة، وبثباتها في الميدان، بجيشها، وشعبها، وقيادتها، وبتحالفاتها، وبأصدقائها، أفشلت حتى اللحظة مخطط إسقاطها بالضربة القاضية - نستعير مصطلحات الملاكمة- وها هي تواصل خوض المعركة للسنة الرابعة.

هذا الفشل الأمريكي التركي الصهيوني ومعهم النفطيون، يدفعهم جميعاً، وقد فشل أتباعهم المحليون في سورية، للبحث عن أدوات جديدة يزجون بها في الميدان، لذا نراهم يعملون على تدريب آلاف المرتزقة في مملكة آل سعود، وتركيا الأردوغانية المحبطة والحاقدة على سورية لإفشالها مخطط الإخوان المسلمين في الهيمنة على بلاد العرب من تونس مروراً بمصر وليبيا، و.. انتهاء بسورية.

صمود سورية أفشل أهداف أردوغان والإخوان من جهة، وأمريكا والكيان الصهيوني من جهة، وأرّث المزيد من حقد آل سعود، والعائلة الحاكمة في قطر.. الذين دورهم إنفاق المزيد من المليارات لاستمرار المؤامرة على سورية.

انتصار سورية يعني بقاء المشروع القومي العربي المقاوم حيّاً وقوياً وملهماً، ولذا تشتد المؤامرة على سورية، ويتضاعف الحقد على ثباتها، وعلى شعبها، وعلى جيشها البطل...

انتصار سورية على المؤامرة الجهنمية سيؤدي لمعاقبة كل الأطراف المشاركة فيها، ويعني نهوض قوى المقاومة، والعودة إلى الأهداف التي لا يمكن النهوض بها من دونها : فلسطين، ووحدة الأمة.

سورية هي ما تبقى لنا

سورية هي ما تبقى لكل المؤمنين بوحدة الأمة من المحيط وحتى الخليج.

سورية بصمودها، واستبسالها في الميدان، وتحريرها لمدنها وقراها، ولحقولها، ولمصانعها، تقدم الأمثولة المُلهمة للشعوب المقاومة للهيمنة الأمريكية، هيمنة القطب الواحد المستفرد بمصير العالم أجمع.

سورية تفضح بدم شعبها الوجه الحقيقي لحكام تركيا الإخونجيين الذين هم طبعة جديدة من سلاطين بني عثمان الذين امتهنوا أمتنا، وفرضوا علينا التخلف، والخروج من التاريخ على مدى أربعة قرون عجاف، وأن هؤلاء الورثاء يريدون إعادة أمتنا كلها إلى بيت الطاعة، واستتباعنا لمصالحهم، وتقاسم الهيمنة على بلادنا مع أمريكا والكيان الصهيوني!

تدرّب السعودية ألوفاً ممن تصفهم الإدارة الأمريكية بالمعتدلين، وتعلن تركيا قبل أيام عن تدريب المرتزقة داخل معسكرات جيشها، وعلى المكشوف، هي التي لم تكف منذ سنوات العدوان على سورية عن الدعم والتسليح والدفع بألوف المرتزقة الإرهابيين لنشر الموت والخراب في سورية!

تشتد المؤامرة على سورية، وتزداد ضراوة.. خوفاً من انتصار سورية، فانتصار سورية سيضع أردوغان وحزبه في قفص الاتهام أمام الشعب التركي، وخاصة مع افتضاح تآمره مع داعش، وتفرجه على مذبحة (عين العرب- كوباني)، وسيؤدي بالضرورة إلى هزيمة حاسمة لمملكة آل سعود، وانتقال المعركة داخل حدودها، وانكسار تحالف العائلة القطرية مع الإخوان...

سورية هي ما تبقى لنا نحن عرب المقاومة، وهذا يرتب على كل واحد منا أن يقف معها بأقصى ما يستطيع، فانتصارها سيفتح أبواب المستقبل لأمتنا العربية مشرقاً ومغرباً.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=13949