العالم العربي

هذه المرة من الأردن..هجرة ثانية لمسيحيي العراق


الإعلام تايم

يلتقي عشرات المسيحيين العراقيين الفارين من جحيم العنف في العراق في كنيسة مريم العذراء للسريان الكاثوليك في منطقة الأشرفية شرق عمان للصلاة وتبادل الأخبار، في كل يوم أحد.

وفر أغلب هؤلاء حديثاً بعد سيطرة متطرفي الدولة الاسلامية على الموصل وبلداتهم وقراهم في شمال العراق، فيما جاء آخرون الى المملكة قبل هذا التاريخ.

ويعد الاردن الممر الاجباري لهؤلاء المسيحيين الراغبين بالهجرة الى أميركا الشمالية وأوروبا، فبعد مغادرتهم الموصل والبلدات والقرى المجاورة التي يقطنونها الى أربيل عاصمة إقليم كردستان يتوجهون جواً الى عمان، التي يمكثون فيها أشهراً عدة وأحيانا سنوات قبل أن يحصلوا على مرادهم.

وقال وائل سليمان مدير عام منظمة "كاريتاس" الاردن لوكالة (فرانس برس) إن "حوالى 70 % من مسيحيي العراق (الذي كان يقدر عددهم بأكثر من مليون شخص) تركوا بلدهم خلال السنوات العشرين الماضية بسبب الحروب والنزاعات المتتالية".

وأضاف أن "من تبقى منهم في العراق تعرض لضربة قاضية بعد سيطرة المتطرفين على مناطقهم ما أجبر نحو 200 ألف منهم على الفرار الى إقليم كردستان".

وسيطر تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف في حزيران/يونيو الماضي على الموصل، ثاني أكبرمدن العراق التي كانت تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها الى نحو 1500 سنة، ثم تمدد الى باقي القرى والبلدات المسيحية المجاورة في سهل نينوى.

وفي البداية خير التنظيم مسيحيي الموصل بين "اعتناق الاسلام" أو "عهد الذمة" أي دفع الجزية، مهدداً بأنهم "إن أبوا ذلك فليس لهم إلا السيف"، ثم عاد في تموز/يوليو وأمهلهم بضع ساعات لمغادرة مدينتهم والا سيكون مصيرهم القتل، ما أجبر معظمهم على الفرار الى كردستان العراق.

في صالة الكنيسة، التي علقت الاعلام العراقية فيها جنباً الى جنب مع الاعلام الأردنية، جلس غدير يوسف (34 عاما) الذي توفيت زوجته قبل عامين إثر عملية جراحية، بسكون وأطفاله الثلاثة من حوله.

وقال يوسف الذي كان يعمل في مزرعة دواجن لوكالة الصحافة الفرنسية "هربنا من بلدتنا قره قوش (أكبر بلدة مسيحية في العراق إذ يبلغ عدد سكانها 50 ألف شخص) في السادس من آب/اغسطس بعد أن تعرضت للقصف بالهاونات، هربنا بباص الكنيسة نحو أربيل بالملابس التي نرتديها. لم آخذ معي سوى ذهب زوجتي الذي بعته فيما بعد بألفي دولار كي لا يموت أطفالي من الجوع".

وأضاف "بقينا في أربيل مدة أسبوع. نمنا في الشوارع والحدائق العامة تحملنا ما فيه الكفاية ثم قررنا المجيء الى الأردن".

وتابع وهو يمسح بيده على رأس اطفاله الثلاثة "لا أريد العودة الى هذا البلد، صحيح هي أرض آبائي وأجدادي ولكنها لم توفر لي ولأطفالي الحماية، نحن نأمل بأن نحظى بحياة أفضل لا نشعر فيها بالخوف والظلم والمهانة".

بالمثل، أدركت رجاء مارزينا (39 عاماً) هي وزوجها أن عليهما الهروب من العراق مع أطفالهما الخمسة بعد أن سيطر المتطرفون على قره قوش.

وتقول مارزينا لوكالة فرانس برس "لم نفكر يوما بترك العراق، لكن المشكلة انهم لم يتركوا لنا خيارا، كان علينا ان نهرب حفاظا على ارواحنا وديننا".

وأضافت وهي تنظر لأطفالها "لم يعد لدينا مستقبل في هذا البلد، لا اعتقد اننا سنعود الى هناك يوما، سنحاول البحث عن مكان آمن لا نشعر فيه بالخوف".

واضافت "تحملنا خلال السنوات الماضية ما فيه الكفاية من عمليات خطف وقتل وذبح وتهديدات وهجمات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة الى أن وصل الامر الى ترك أبنائنا الذهاب الى جامعات الموصل خوفاً من هجمات المتطرفين".

وتابعت أنه "في ظل غياب الدولة، لم يعد هناك مكان ومستقبل للمسيحيين في العراق ومن لم يهرب اليوم فسيهرب عاجلا أم آجلا عندما يدرك أن لا مفر من ذلك".

وقال حميد طوبيا (55 عاماً) وهو أب لسبعة اطفال ويعمل في تجارة الدواجن إنه لا يعرف ما يخبئه له المستقبل في الاردن.

وأضاف "نحن متعبون نفسياً وجسدياً ومادياً، لقد تركنا كل شيء خلفنا وهربنا، تركنا منازلنا ومزارعنا وسياراتنا وأموالنا، حتى ملابسنا وأغراضنا الشخصية".

وتابع "لقد عانينا الأمرين كي نصل الى هنا ونأمل أن تنتهي معاناتنا بأقرب وقت ممكن".وعبر طوبيا عن أمله في أن "يعطونا تأشيرة دخول الى إحدى الدول الأوروبية أو أميركا أو أستراليا أو نيوزيلاندا أو كندا، لايهم المكان، المهم أن نرحل من هنا بأسرع وقت ممكن ونبدأ حياة جديدة".

وتدخل طارق الاسحاقي (76 عاماً) الذي جاء الى عمان قبل أربعة أعوام في الحوار، وقال ساخراً "انظروا إلي أنا الرجل العجوز، أنا هنا منذ أربع سنوات وقدمت طلباً رسمياً للحصول على اللجوء الإنساني منذ أربع سنوات ولازلت أنتظر دون فائدة".

وقال الأب نور القس موسى راعي كنيسة السريان الكاثوليك للوكالة إن "الكنيسة تقوم وبالتنسيق مع كاريتاس باستقبال هؤلاء المسيحيين الفارين وتأمين الطعام والشراب والمسكن لهم وتسجيلهم لدى الأمم المتحدة كلاجئين".

وأضاف "لقد عانوا أوضاعا إنسانية صعبة جداً في بلدهم، وأغلبهم فر بالملابس التي يرتدونها، لقد تركوا كل شيء خلفهم وسط صمت دولي كبير وغياب أي دور للمنظمات الإنسانية التي لم تحرك ساكناً".

وأكد سليمان مدير عام "كاريتاس" أن منظمته التي قدمت المساعدات لنحو 60 ألف عراقي منذ 2003 "استقبلت الشهر الماضي نحو ألف مسيحي وقدمت لهم كل أنواع المساعدات وهي تتوقع وصول المزيد منهم"، مشيراً إلى أنهم "يعانون من مشاكل صحية ونفسية بسبب فقدانهم كل شيء تقريباً، تاريخهم وجذورهم وبيوتهم وأموالهم وممتلكاتهم".

وخلال السنوات العشر الاخيرة هوجمت 61 كنيسة وقتل نحو ألف مسيحي، لكن ليس جميعهم في هجمات استهدفتهم مباشرة، بحسب بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو.

والاعتداء الاكثر دموية وقع في 31 تشرين الاول/أكتوبر 2010، عندما قضى 44 مصلياً وكاهنان في الهجوم الذين شنه تنظيم القاعدة على كاتدرائية السريان الكاثوليك في بغداد.

الأردن - وكالات

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=31&id=12571